مطر
ها أنا الآن أنتمي إليك ..أرتجف كلما ذكرت اسمي..
ها أنا قادم نحوك مثقلاً بالجراح..
هاأنا أعود ثانيةً لأطلع من صفحات الماضي وأركض صبياً صغيرا إليك فارداً ذراعيّ لعلي أبكي على أحضانك لأشفى من دواري ...
أنا لست متحضراً ولست ابناً للمدن ذات الأبنية المتعالية
والمشاعر المفرغة ..أنا لا أنتمي لمجموعة الأزهار الملونة
المحضرة سلفاً للمناسبات ...
أنا الحقول ..أنا البيوت المزينة بالشقوق ..أنا العشب الطالع بين الوحول ..
أنا الحب القروي الذي يحيا في السنابل وفيها يموت ...
ما رأيك بالمصابيح.. ما رأيك بأنك قسوت عليّ قليلاً. .
ما رأيك أن هناك علاقة بين وجهك ولحظات الفجر الأولى ..
ما رأيك أني أعتذر ..ما رأيك أني أحبك ..ما رأيك بذاك الغائب ..بأنني متعب ..
ثم ..ما رأيك بالجنون ؟؟؟
في ساعات الليل المتأخرة وبعد سهر طويل وشرود ..
تشعر أن إحساسك بالأشياء أعمق وأنك تستطيع أن تنسج
علاقة معها بسرعة وتبثها مكنونات روحك وتشكو إليها حنينك..وتخبأ في صمتها أسرارك وأحزانك ..
ذاك المساء كل شيء كان جاهز ..
والقلوب موقدة للكرنفالات التي عبرت أروحنا باتجاه الشروق .. أو ؟
كل شيء حاضر ..الأحاديث لم تنقطع ..حركات يديك لم تتوقف ..دفئك يزداد مع زيادة برودة الأمكنة
والوقت المزعج يلتهم بسرعة موعدنا الذي سرقناه خلسةً من عيون الناس ..الذي سرقناه خلسةً من أيامنا المسافرة وعلقناه على أشجار ذاك المكان ..
ذاك الشيء وحده الغائب ..الحاضر في داخلي ..
القابع في أعماقي ..النائم قرب وسادتي ..
المختبأ في طفولتي وثيابي ..الساكن في الذاكرة
لا يرحل عنها أبداً ..كان غائب عنا
سأعاتبه عندما يحضر ..سأبكي بين أحضانه
وأرجوه أن يأتي معنا ..آهٍ لو يجيء المطر في المرة القادمة .