منذ أيام قليلة توقفت الساعة عند لحظة الحب , وأوقفت الخطوات إيقاعها اللاهث , واستيقظ الحب حاملاً كعادته دفء الدهشة , وجمرة الروح في قمة اشتعالها , ليهبنا قلباً جديداً لا يعرف التوقف مهما تكررت محاولات المغامرة والمخاطرة والاختراق . منذ أيام حرضنا الحب لنصرخ بطاقة الروح والقلب والجسد لنسحب كل أحبابنا وأصدقائنا من دوائر الظل والصمت والظلال المعتمة والموت البطيء والخوف الضاج داخلياً , نجمعهم ليعيدوا كل حكاياتهم القديمة الجميلة إلى القلب الذي أتعبته الأكاذيب الملغمة والادعاءات البائسة الساذجة وقصص الحب الوهمية التي سرقت منه الحبيبة والبيت والشارع وسنابل القمح ونار الوطن الدفيئة .
منذ أيام احتفلت الروح التي لم تشوه بعد ولم يعبث بجمالها ولم تكسر مراياها ولم تبعثر شفافيتها .. احتفلت بعيد الحب .
وما أكثر الخناجر المسمومة التي خرجت منذ أيام من تحت عباءات الكذابين والهتافين والمجيرين والحاقدين و دعاة الحب مع الأعداء و قاتلي الأطفال و مجرمي الحروب ، خرجت لتذبح عيد الحب لأسباب عديدة من أهمها أن الحب يفضحهم , لا يفضحهم أمام ضمائرهم فليس لهم ضمائر . ولا يفضحهم أمام صداقاتهم فليس لهم صداقة حقه , ولا يفضحهم أمام أحباب فليس لهم أحبة , ولكن هذا العيد سيفضحهم أمام الوطن الذي هو إشارة الحب ومنارته وناره ودروبه .. فالذين لم يعرفوا الوطن حباً ولكنهم عرفوه مغانم لا تتوقف و مشاريع اقتصادية تفيد العدو قبل أن تفيد الوطن , والذين لم تحرقهم دموع الوطن والكراهية سماً أسود تلتف على بعض أطرافه تصيبها بالشلل المؤقت , والذين اقتحموا بيت القلب فخربوا حديقته المزهرة بالياسمين والفل وعطر كل الأزمنة البديعة وسرقوا من حجراته الدفء والأمن والأمان والروابط الجميلة وتركوا الحزن والشجن والرماد ومجموعة من أكاذيب الأفاقين القراصنة الـ.... الذين يتخندقون داخل قلاع وهمية لا تصمد أمام هبة صدقة طالعة من شجن محب صادق .
قال لي صديقي وهو يضع يديه ساتراً على صدره حتى لا تردى قلبه سهام الحقد ضد الحب : خذ حذرك منهم في الغد .. إنهم كثرة .. وأن خناجرهم لا تعرف إلا حبة القلب .
قلت ماذا أفعل يا صديقي العزيز .. ?
قال لي كن مع الحب في الغد . كن معهم ، مع الأنقياء الذين لا يعرفون خداع الوطن ويخيفون راكب الدبابة بحجارتهم ويرعبون الابتسامات الخادعة داخل سيارات المطبعين. كن معهم مع الأنقياء الذين يترجلون من على فرس حياتهم.. شاباً صغيراً سرقوا طموحه وفتيات صغيرات نهبوا تفاح خدودهن ومع هذا يواصلون لقاءاتهم في الصباحات الجميلة الندية يدفئون بعضهم بنار القلب التي لا تعرف الخمود ، في جيوبهم المرقعة عملات صغيرة نساها الذين حولوا الوطن وعملاته إلى أرقام سرية , عملات صغيرة عندما يفردونها في أكفهم الصغيرة يعرفون جيداً أنها تمكنهم من اقتسام (سندويتش) لا يعرفون متى يحصلون على غيرها .
كن مع هؤلاء ..
فهؤلاء هم الحب الحقيقي
وهؤلاء هم الوطن الذي نعشق
وهؤلاء هم الشمس التى تدفيء
و هؤلاء هم الماء الذي ينهي عطش الزمن
وهؤلاء هم ملح الأرض الحبلى بالحياة وهؤلاء هم النجميات التي ستزين سماء الروح
وهؤلاء هم الياسمين والقرنفل والفل الذي سيسيج حديقة القلب .
كن معهم..
لا تتركهم وحدهم ..
ستسمع كلاماً كثيراً .. سيقولون لك (إرهابيون) (جيل فاسد) (يدرسون العلم أم يدرسون رمي الحجارة ?) ( يعطون عن مجتمعنا صورة غير طيبة )
اغلق أذنيك ولا تلتفت إليهم .
فهم الذين أدمنوا الانحراف .. وهم الذين فقدوا الأهل والأصدقاء والأحبة وهم الذين لا يمارسون الفساد إلا فناً وهندسة .. وهم الذين يشوهون بها مجتمعنا , وهم الذين يحاولون أن يدفعوا بجيلهم إلى الظلام , ظلام التطبيع وظلام السلام البائس وظلام الحضارة العارية وظلام الروح التي اغتالوها بأعصاب باردة و انتماءات ميتة ومهمات معفرة بالتراب .
كن معهم .. كن معهم حتى يواصلوا البصق على أمواج الشر والقبح وحتى تظل أعناقهم مشدودة إلى الشمس العذراء .
أتى عيد الحب خجول البوح مزهواً بقلوبكم الطرية الندية النقية وأحلامكم الصغيرة الجميلة المنمنمة , فلا تتركوه وحيداً يضج قلبه بالحزن تظلله سحابة سوداء مسبوكة من كلمات بلا روح تخرج من قلوب احترقت بحقدها وكراهيتها ومطامعها .
سيقولون لكم أعيادكم قادمة فلماذا ترحبون بعيد ليس لكم فقولوا لهم نعم لدينا أعياد نعتز بها و نقدسها .. فماذا لو أضفنا عيداً جديداً تغتسل فيه قلوبكم من الحقد والكراهية والفتنة وزرع رياح السموم , وتصفى فيه نفوسكم من أدران الأرقام السرية وانحناءات التزلف للمال و الشهوة ومسح الجوخ وإقامة الولائم على بقايا من اللحم البشري وتحويلها إلى رماد تمشي عليه أقدام الأعداء وذبح الكرامة والكبرياء فداء للمطامع التافهة ..
قولوا لهم لقد علّمنا الوطن الحب . قولوا لهم لقد علمنا الله سبحانه و تعالى أن نحب . قولوا لهم لقد علمتنا أمهاتنا كيف نحب . قولوا لهم حاضرنا حب ومستقبلنا حب أكبر وأعمق . وانطلقوا لتعانقوا الحب ولتجعلوا كل لحظاتكم نسيجاً من الحب الخلاق .
وستهزمون الأعداء و أتباعهم مهما تكدست أموالهم ازدادت أسلحتهم وارتفعت أسوار قلاعهم وسقطت إلى الحضيض أخلاقهم .
يا امرأة الأقمار البرتقالية ..
يا امرأة القلب ..
يا امرأة الحب ..
يا امرأة الدفء ..
يا امرأة الشعر .. يا امرأة البحار المسكونة بالمحار .. يا امرأة الريح ..
يا امرأة تأتي فيتوقف عندها العمر ..
يا حبيبتي ..
يا رفيقتي ..
يا امرأة ما ..
يا شاعرة ما ..
يا عاشقة ما ..
دعيني أضغط على يدك الجميلة البضة كي لا يفر الحب من بين أيدينا ..
دعيني أحبك غداً أكثر .. دعيني أسس ما بقى من عمري الجميل على دقات قلبك ..
دعيني أحضن لحظة الصعود إلى قمة حبك ..
دعيني أفرش إيقاعات القلب على أطراف المدى معلناً إدمان عشقك ..
ولتخرجي معي ..
مع قلبي ..
معهم .. مع المحبين والعشاق الصغار الذين يزرعون الحب في صخب طلقات الرصاص وينتظرون الغد ليحفروا بمداد من نار ودم في ذاكرة الوطن إن الحب هو البداية التي لا تعرف نهاية ..
أيها الكتّاب الشرفاء ..
أيها الشعراء الأنقياء ..
أيها الفنانون / الفنانون ..
يا عازفي موسيقى الشموخ .. يا مرددي أناشيد الحياة ..
يا صائغي أغاني الإنسان ..
يا إنساناً لم يعرض نفسه في سوق النخاسة .. يا إنساناً لم يبع كرامته لرياح الزيف والخداع ..
يا إنساناً رغم كبواته ينهض ..
يا إنساناً رغم هزائمه ينتصر ..
يا إنساناً رغم جراحاته يرتفع ..
يا هؤلاء لا تتركوا الحب وحيداً .. سيّجوه بقلوبكم بأشعاركم بأغانيكم بزهوكم بكرامتكم بشرفكم ..
لتكونوا مع الحب ..
ولتهتفوا جميعاً يحيا الحب …
منقول