ورقة أخيرة من بقايا الأمل...

[noor]

لكل إنسان أمل ينشده، ومعنى رائع يتمثل به، هذا الأمل هو الحافز القويّ للنفس نحو الأمام، ومتى خبا نور الأمل، وتضاءل إشعاعه، دب اليأس إلى قلوبنا، وتسلل الرعب إلى مستقبلنا، فيا أيتها الورقة الأخيرة من بقايا أملنا إني أستجدي كل بقايا القوة والعزم والكبرياء فيك، لتكوني أملا مشرقا يضيء لنا دروب الحياة أو ما تبقى من الحياة!

أخبريه..

حدثيه ملياً..

ماذا يمكنه أن يقدم لك، لكي يبقى دوماً أملاً حقيقياً؟

وهو يراكِ أنت الأمل كل الأمل !

كيف يَستجدي الأمل من غيره ما يملكه؟

وكيف أعطيك ما أفتقده وأحتاج فيه إليك ؟


إني أؤمن بك، أؤمن أنك كنت لي حافزاً..

فكيف أضمن أن إيماني بك لن يتزعزع !

لا أدري ...

هل ستبقي أملاً ؟


لا تزرعي فيّ الشك والقلق، ليعبث ببقايا صور جميلة أنت زرعتها بداخلي!

إن اليأس أيها الأمل يجتاحني ويغمرني، ويعبث بكياني، إنه يتراقص أمامي كالشيطان وخلفي وعن يساري ويمين.


نحن أيها الأمل ... أرواح شفافة، نسمة هواء لطيفة كفيلة بأن تطفئ شمعتنا لنعيش بعدها في الظلام ، بداخل بقعة سوداء من الضياع.

أيتها الورقة الأخيرة من بقايا الأمل ... إن الناس من حولي يستجدونني الأمل، من خلال كلماتي، حروفي، ابتساماتي، أملاً مشرقاً لهم بالخير..

لكنهم لم يعلموا أنني إنما أكتب لأعزيّ روحي، وأسلي نفسي و أتبسم تجلداً وتصبراً..


يظن الناس –أيها الأمل- أننا صخوراً جامدة، تتحمل القسوة الصلف والبرودة والصقيع، لكننا أهش مما تتصور، أهش مما يتصورون!

أي غربة تلك التي تلفنا أيها الأمل في هذا الزمن؟

نعيش في غربة .. غربة الروح في الأجساد، والصداقة في الناس، والمنهج في الحياة، والتفكير في العقول، والإيمان في القلوب !


أيها الأمل ....

كم هي سعادتي عظيمة حين أرى نجمك بازغاً، فأمنّي نفسي بإلقاء أمتعة اليأس عن ظهري وقلبي عند أعتابك لتبددها، لأبحث بين حناياك عن ذاتي، لتفتح لي أبواباً أوصدها الحزن والألم ...

إني أستجدي حروفك وكلماتك أيها الأمل .


أيها الأمل ... أني أبحث عنك في الآخرين في زراعته في قلوبهم لأراه على شفاههم!

أنت زهرة أسقيتها من عروقي، ويقتلني أن أراها تموت بين يديّ ليذهب كل الأمل.

أيها الأمل ... يا زهرة سقيتها وسهرة من أجلها .

هل ستموت ؟! هذا مستحيل !!


العالم كل العالم ... لا يرى الزهرة في البوادي إلا مع جمال الربيع، ولكني أيها الأمل أراك زهرة رائعة جميلة، في كل وقت، وفي كل زمان، وفي كل مكان، وفي كل زاوية، وفي كل مرآة.


أراكِ أيتها الزهرة الجميلة ... في فصل الشتاء شامخة عظيمة تقاومين البرد والجليد، بتدفق حرارة الحب بداخلك ، وسريان ماء الحياة في عروقك الناعمة.

أراكِ أيتها الزهرة الجميلة ... في فصل الصيف الساخن، ظلاً ظليلاً، وماءً بارداً عذباً سلسبيلاً، يذهب العطش، ويروي الغليل.


أراكِ أيتها الزهرة الجميلة ... في فصل الخريف، قمة الشموخ والكبرياء، قمة الثبات في فصل المتغيرات والمتساقطات في طريق الخنوع والاستسلام .

أراكِ أيتها الزهرة الجميلة ... في فصل الربيع، كل الربيع، بكل زهوره، وطيوره، وجنّاته، أراك يا كل الربيع، على ابتسامة الطفل البريء، وأراك ذلك الطائر الأبيّ على قمم الجبال، أراك قرص الشمس .. و جبين النور .


أيها الأمل ... إنك إن تستسلم أو تتغير، ستقتل كل ما بقي عندي من نجاح، وسوف تكسر لي كل جناح!

أيها الأمل ... أنت الورقة الأخيرة التي بقيت ثابتة وراسخة في فصل الخريف، حينما تتساقط جميع الأوراق، لأنك ورقة مختلفة جداً.

إنك أنت الورقة التي ضحى من أجلها ذلك الرسام الذي زرع الأمل في قلب الفتاة الصغيرة، تلك الفتاة التي تعلقت بشجرة بجوار بيتها، وأحبتها حباً عظيماً، وكانت تلك الشجرة كثيفة الأوراق وارفة الظلال، ولكن فصل الخريف بدأ يجلد أوراقها جلداً عنيفاً، في إرهاصات دائمة، استعداداً لقدوم فصل للشتاء.


وكانت الفتاة تتألم بشدة لمنظر الأوراق وهي تتساقط، وكأن كل ورقة تسقط على الأرض، هي في الحقيقة قطرة من قطرات دمها المنسكب على الأرض!

استمر الحال بشجرتنا العظيمة، حتى هزل جسمها، وتساقطت كثير من أوراقها، حتى أيقن أهل الفتاة ،أن روحها ستخرج مع آخر ورقة سوف تسقط من الشجرة، ولم يكن بأيدهم شيء ... فسلموا أمرهم للقدر المحتوم.


وصادف أن مر مسافر غريب، وتوقف تحت الشجرة، وتأمل منظرها الرهيب وهي تقاوم جلد الخريف العنيف -الذي يغادر المكان فاسحاً للشتاء مكانه- وعلى تقاسيم وجهها بقايا أمل بأن تنتصر في النهاية على قساوة الجلد والاستنزاف .

أخذ المسافر الغريب - وهو الرسام البارع - يرسم منظرها العجيب في لوحة تحمل اسم "صراع من أجل الأمل " !


وبينما هو منهمك في لوحته مرت بجواره أم الفتاة، وأخذها الإعجاب لما رأت رسمته الجميلة لتلك الشجرة وقد كساها بريشته الرائعة أوراقاً ساحرة .

عندها تساقط دموع الأم الحنون فأخبرته بقصة ابنتها التي تعلقت بتلك الشجرة، وأنها أصبحت لها الأمل والكبرياء، وأن الشتاء سيحطم كل ذلك.

دخل الشتاء سريعاً، بارداً، قارصاً، ولم يتبق في تلك الشجرة إلا وريقات قليلة ستسقط لا محالة - غداً أوبعد غدٍ - كبقية الأوراق المتساقطة .


اقترب المسافر الغريب، فنظر الى الشجرة فلم يجد بها سوى ورقة وحيدة يتيمة تصارع بكبرياء غريب صولة الشتاء، وصولجان البرد، تقف وحيدة، أمام جيش من الأعاصير الثلجية، وكأنها تقول: ( أيها البرد أيها الشتاء .. بعرشك وصولجانك وتاجك وجيشك، لن تقهرني، لن تهزمني، لأني لا أعيش ولا أقاوم من أجل نفسي، ولكني أنا الأمل الذي يجب أن يبقى ويستمر)!


عطف وحنَّ المسافر الغريب على الفتاة، وأشفق عليها، لأنه أيقن أن تلك الورقة الأخيرة من تلك الشجرة - شجرة الأمل والكبرياء - لن تستمر طويلاً في مقاومة حرب الاسنزاف التي يشنها عليها فصل الشتاء، وأنها حتماً ستخر شهيدة وصريعة في ساحة الفداء والتضحية، فمن للفتاة بعد تلك الورقة الأخيرة ؟


فلّ الرسام المسافر ألوانه وريشته، وفي منتصف الليل البارد، صعد إلى الشجرة التي كانت بجوار الجدار، وأخذ يرسم بريشته السحرية، ورقة جميلة رائعة، لا يمكن لأقوى رياح أن تسقطها، أو تهزها.

أجهد نفسه تلك الليلة حتى أكمل عمله، وعاد إلى كوخٍ صغير في أطراف القرية، وهو فرح مسرور وهو ينظر إلى يديه ترتجفان من البرد، ولكنه أحسن بدفء غريب ينساب إلى قلبه وهو ينظر ليده الملطخة بالألوان الزاهية الربيعية!


وفي الصباح الباكر استيقظت الفتاة لتجد الورقة لم تسقط، فهي تقاوم من أجلها سطوة الشتاء، فلماذا لا تقاوم الفتاة أيضاً ؟

وهكذا وفي كل صباح ... حتى حل فصل الربيع وعادت الأوراق من جديد وعادت الطيور والحياة والفراشات للشجرة، وعادت الحياة والبسمة للفتاة.


إلا أن الفتاة لم تعلم بقصة الرسام الغريب وورقة الأمل، كما أنها وكثير من الناس لم يعلموا بأن هناك وفي كوخ صغير وجد مسافر غريب، قد مات متاثراً بسبب الشتاء والبرد وفي ليلة من ليالي الشتاء كانت هي تلك الليلة التي أوقد فيها الرسام الغريب شمعة من الأمل لن تنطفء ولن تذبل أبداً، ليموت هو، ولتحيا أسرة كاملة ستستمر بالانتعاش والحياة والتدفق دون أن تعلم شيئاً عن ذلك الرسام!


إن صورة ذلك الرسام ستظل بادية مع كل ورقة ربيع، تهتف بك أيتها الورقة الأخيرة من بقايا الأمل، تقول لك: أنه مات من أجلك..

إنه تلاشى وأختفى لأجلك..

إنه قاسى البرد والظلام كي يوقد في طريقك شمعة..

إنه مات مبتسماً لأنه رآك حينها خيالاً مبتسماً..

إنه أسلم روحه لما أيقن أنك ستعيشين من أجل الأمل الذي صنعه لك..

إنه عجز أن يكون أملاً، لكنه جعل منك أنت الأمل..

إنه مات من أجلك..

فلو تغيرت أو استسلمت ستقتلين كل مابقي من أمل أو نجاح بعده، أنت ورقة الأمل الأخيرة..

أوقدي في طريق الناس الشموع..

حاربي الظلام بمشعلك الذهبي المشع..

أكملي بقية الطريق..

كوني أنت المشعل الذي نحمله لنفتش عن محتاجين نزرع بداخلهم الأمل والنور..



منقول

فائــــــق محبتي

نور

[الرمادي]

أختي العزيزة نور

ليس في الحياة أجمل ولا أسعد من أن يكون الشخص أملا متحركا يلتمسه الآخرون شرط أن يكون العطاء والبذل والتضحيه هما مطيته التي يسير عليها بين جموع البؤساء

حينها لن يموت الأمل لأن أمله في وجود من يحتاج إليه وما اكثرهم وتستمر العجلة كل يغرف من الآخر أملا يعيش به

أعتقد بأن هذه هي الحياة عجلة تدير عجلة

وليس المهم أيهما العليا ولا السفلى المهم أن تبقى كل منهما ليضلا كلاهما يعيشان على أمل البقاء أكثر وأكثر


هذا هو الأمل أن تضل حيّا ..


لك تحياتي لأختيارك الرائع

[ămōяẻ]

روعة مانقلتيه لنا

[noor]

الرمادي

شكرا على ماستطرته من روائع تضيف للنص روعة ..

دمت بنقاء ,,




عموري

وجودك يزيد من ضوء بقاياه

شكرا لك