العودة   منتدى بريدة > المنتديات الأدبية > واحة الحرف

الملاحظات

واحة الحرف إبداعاتكم من نزف أقلامكم

موضوع مغلق
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 23-07-04, 03:01 am   رقم المشاركة : 1
noor
عضو قدير





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : noor غير متواجد حالياً
ضــي _ حلم مقهور !!


بدايه

اتمنى ان تقرا القصة قطعة واحدة دون تقطيع

واعتذر من الأخت هديل الحضيف لتغيير عنوان القصه فلتعذريني حبيبتي





مكتب سنديان عتيق..
زجاجة حبر فارغة..
وباب نصف موصد..
المطر في الخارج يضرب الأرض بعنف..
نمت حول جسدي خيوط العنكبوت..
ويدي تمسك بشظايا جرح قديم..

دقات الساعة الرتيبة تتسابق للثانية عشرة..
بينما النوم يأخذ طريقة إلى كل شئ سواي !!
كحداء حزين.. عادت الذاكرة تستجدي ذكريات الألم..
تلك الذاكرة التي مافتئت أجرها لأزقة حي مطمور تحت تراب الزمن..
حيث كان النزف الأول

***
كنت أغادر عامي الثالث عشر, حينما سمعت صوت أمها صارخا قبل أن يولد الفجر بساعات قليلة..
علمت صباحا أن جارتنا أم البنين العشرة، قد أنجبت أخيرا.. بنتا
عرفا، لم تكن سوى ابنة لجيراننا, لكني أحسست بها شيئا آخرا..
شيئا مختلفا مختلف, كنت أبرر لنفسي هذا الأمر كوني وحيدا بلا إخوة, لكني اكتشفت ( متأخرا ) أن هذا السبب لم يكن سوى أرض هشة, تهاوت على حين غفلة من تحتي..
سألت أمي أن أذهب معها، ثم انتابني شعور أني سألتها أمرا منكرا,
فأردفت قائلا: لم أر في حياتي مولودا يا أمي
ضحكت.. وسمحت لي بمرافقتها

***

قلت لأم سعد: سموها ( ضـي )
حينما أخبرتني بأنهم لم يختاروا لها اسما بعد, لم اسمع بهذا الاسم من قبل، لكنه جاء على لساني في تلك اللحظة فقط.
وضعتها أمها بين يدي, سافرت عيناي في خريطة وجهها المنمنم, عيناها.. ما دلها الضياء بعد, خفضت رأسي وقبلت جينها ثم أعدتها لأمها.
رغم أولاد جيراننا العشرة، إلا أني لم أحس بجيرتهم إلا بعد ( ضي ).
أصبحت أتردد عليهم يوميا.. لا لسبب سواها.. حتى نهرتني أمي قائله بأني أصبحت رجلا وليس من اللائق أن ادخل بيت جيراننا..
ألف الناس رؤيتي مع ( ضي ) في السوق
بعد أن أكملت عامها الثاني .ضحكتها التي تملؤني فرحا .. عيناها الواسعتان .. لونها النجدي .. الطيني ، كل هذه أصبحت أساسا في حياتي ..
آخذها عصرا معي للسوق .. حيث أقف في دكان أبي واتركها تعبث بكل شئ .. واكتفي أنا بالضحك !

***

ضحكت كثيرا في ذاك المساء بعدما قالت لي أمي وهي تناولني فنجان القهوة: أم سعد تقول إن ( ضي ) لا تكاد تعرف سوى ( خــالد ) حتى أنا بالكاد تعرفني. فكيف بوالدها وإخوتها
علقت أمي.. قد يأتي يوم و بالكاد تعرفك
ثم أسفر المساء بابتسامة أبي..

***

لم أشعر بالزمن إلا ذاك الصباح، حينما طرقت الباب.. لتخرج إلي ( ضي ) وتخبرني بأن أمها رفضت أن تسمح لها بالخروج معي، لأنها كما تقول أمها أصبحت كبيرة، ومن _ العيب أن تخرج مع الرجال _
عمي: سأظل أشتري من دكانكم 0
كأنما تعزيني.. وابتسمت ثم توارت خلف الباب الذي أوصد ببطء
عمي !! بقيت ترن في أذني.. تتفجر
لم أشعر يوما الألم كشعوري به ذاك اليوم
استلقيت على فراشي, لأكتشف أن الفلك قد دار عشر دورات كاملة منذ أن أشرقت ( ضي ) ذات ليلة.
كنت أشعر بالجرح. بالغيظ.. بالجرح .. وبحزن دام..
كيف تمنعني أم سعد من ضي وقد قبلتها صباحا ما, بين عينيها !
كيف تمنعني وقد أضاءت حياتي لعشر سنوات ؟
كيف يطيب لها أن تغمر باقي أيامي بالظلام دون سابق إنذار ؟
ثم ألقيت نفسي أبكي.. وقدا ارتوت وسادتي دموعا
هبط الليل شيئا فشيئا على قلبي ، مر زمن دون أن اخرج من الغرفة . حتى قهوة المساء لم احتسيها مع أهلي
المرض بدأ يتسرب إلي ، وأخذت الحمى تسري في أوردتي
طرقت أمي الباب أول الليل ثم دخلت، راعها منظري, وجه محتقن, عرق نازف, وجسد مشتعل, لم تتكلم، أطالت النظر إلي ثم وضعت يدها على رأسي وأدنت فمها من أذني وهمست:
_ وما لذي يعنيك من أمر طفله ؟
أمي ! هي الشخص الوحيد الذي يكاد يفهمني في كل شئ، كنت متأكدا من أنها تعلم عمق ( ضي ) في حياتي ، واني مازلت أعدها جزءا مني ، قلت لأمي :
_ هي طفلة.. لكنها طفلتي.. أم سعد قالت ذات زمن أنها متعلقة بي.. فكيف تقطع حبلا ضفر بعشر سنين ؟
مسحت أمي وجهي بقماش مبلل, في محاولة يائسة لإطفاء الحمى التي سرعان ما اتقدت في سائر جسدي, ثم أويت لنوم متقطع حتى الفجر

***

ككل الأشياء التي تبدأ كبيرة ثم تصغر.. كانت ( ضي ) شعلة بدأت متوهجة ثم أخذت تخبو رويدا رويدا
تمر بالدكان الذي آل لي بعد وفاة والدي, تبتسم لي.. فأرد ابتسامتها بابتسامة باهتة.. فقدت ألوانها منذ أن حال بيننا ذاك الباب في صباح عمره زمن جريح.
لا يؤلمني أمر أكثر من قولها (" عمي ") رغم أنها غدت خارج أسواري, لازلت اكرهها منها, كم مرة كادت أن تجمح جيادي لأقول لها " خالد " فألجمها قبل أن تنطلق, ويبقى في قلبي طيف منها في طريق عودتي مساء, ثم اقتله حالما تبتلعني الدار.
اجتاح الركود حياتي, إلا من بعض الأعمال التي يتطلبها الدكان, ثم يعود الإيقاع الرتيب لساعتي
أمي.. السيدة التي تتربع على عرش قلبي، تسللت إلى غرفتي حيث الشتاء قد أثقل وطأته تلك الليلة حاملة ( الوجار ) ثم جلست بجواري على الفراش..
_ أتشعر بالبرد ؟
سألتني وهي تعرف الإجابة..
_ أشعر بالملل !!
زفرتها حارة كئيبة
_ بلغت هذا العمر ولم تتزوج ولا تريد أن تشعر بالملل ؟
أيقظت فيّ هاجسا غافيا, حاولت أن أعيده إلى نومه:
_ الزواج ليس ليس كل شئ..
_ لكنه سيعيد الألوان إلى حياتك..
أجبتها بصوت تخلله الجوى:
_ ما عاد في حياتي ألوان يا أمي !!

لم تكن تلك المرة الوحيدة التي حاولت بها أمي أن تطرق أبواب القلب المرتجة..
شئ خفي كان يدفعني للرفض في كل مرة.. كل مساء تأتي أمي وهي تحمل لي أسماء لتعرضها عليّ، وأبدو كمن يفتش عن ضائع ما.. وحينما لا أجده.. أرد بضاعتها إليها
_ تبحث عنها.. أليس كذلك ؟
لم أكن انتظر سؤالا كهذا, لا أدل دربا لإجابته.. فاكتفيت بالصمت, ولاذت بالانسحاب.
نهش التفكير كل مساحات عقلي تلك الليلة..
_ أحقا أنا ابحث عنها.. رغم كل مسافات البعد..
ثم صرخ بي الفجر دون أن تهتدي مراكبي.

***

عشت مشوشا, تأتي كل ( عصر ) إليّ لتشتري مني, حضورها يبني مدنا من غموض.. لا انتشي.. لا احزن.. لا افرح.. ولا أي شعور عادي آخر.. شعور مبهم.. يجعلني أرقب حضورها..وحسب ..
ويظل يقرعني سؤال: أتشعر بي ؟؟
وحينما يتسرب إلي صوتها بـ: يا ( عمي ) تنهار كل الاسئله, وأتقوقع كطير صغير مبلول
كنت اعنف نفسي: كيف تشرع سفن شعورك نحوها.. وقد كانت ذات يوم طفلة بين يديك.. لم تفتح عينيها بعد, ثم اذكر قبلتي على جبينها, فيغرق داخلي بفيضان ماء مالح..

***
مثل كل ليلة, تأتي أمي إلى فراشي, تتحدث معي قليلا, تذكرني بالذي لا أنساه:
_ خالد.. أحفادي
ضحكت بقلب مذبوح..
رمت السهم الأخير في جعبتها:
_ أمازلت تريدها ؟
ظللت أحدق بخشبات السقف دون أن أتكلم..
_ رجل بعمرك.. بحاجة إلى زوجة.. لا طفلة..
التفت إليها ببطء:
_ لكنها لم تعد طفلة .. إني اعد أيامها يا أمي
صمتت طويلا ثم همت بالخروج, أطياف كلمات كنت أراها تتعثر عند شفتيها..
_ أمي !!
قلتها وهي توشك أن تغلق الباب..
_ اصدقيني.. ما لذي كدت تقولينه ؟
عادت إلي وعيناها تمور في بحر من الدمع مائج..
_ خالد.. سامحني يا بني..
_ ضي.. ما بها ؟؟
خرج السؤال خائفا مبحوحا..
جرت حروفها بصعوبة:
_ خطبت.. و.. زواجها بات وشيكا
انقبض قلبي.. أحسست بزلزال يضرب أعماقي.. كل ما حولي غدا بلا ملامح..كائنات هلامية تموج..
أمنيتي.. أغنيتي.. ضحكتي .. و دمعتي.. تلاشت كما يحترق نجم السماء..
وعاد صوتها " عمي " يتأرجح داخلي ؛ فغاص الوجع عميقا .. عميقا ..
***

ضرب المرض جسد أمي المثقل بالسنين.. فأسرها فراشها, وبقيت معها, حتى سكنت أنفاسها في ليلة حالكة تماما..
عدت من الصلاة عليها, وفي قلبي ألف حزن.. و .. حزن
البيت موحش.. كمعبد بوذي تسكنه الأشباح, دخلت غرفتي واستلقيت على الفراش أرتقب مجيء أمي ككل ليلة. بدأ الصباح ميتا لم اسمع صوت الأواني في المطبخ, ولم أشم رائحة ( حمس ) القهوة
في الفناء بقيت أنتظر أن تأتي أمي, حتى أيقنت أنها رحلت لما خلف الأفق !!

وعلى أنقاض حزني.. نما حزن آخر وأينع..
كنت قد أكملت الثلاثين, وفي الليل تسلل إلي صوت طبول من مكان قريب. فضرب جذور الأسى في أعماق قلبي, وتحول كل أمل.. لحلم ليلة صيف
أغلقت على نفسي حجرة أمي.. وبكيت طويلا..
أحسست بحزن جامح.. ألم موجعا:
_ متى كانت آخر مرة بكيت فيها ؟
قمت الملم بقاياي, وخرجت متسربلا بالظلام, وأنا أغلق الباب للمرة الأخيرة، جرحت يدي جرحا مازلت انكأه كل ليلة.. كي لا انــــــســـى !

مررت بدار ( ضي ).. وتلوت تراتيل الوداع الأخيرة..
كان ثمة جدران طين عتيقة..



_ نور _







قديم 23-07-04, 07:04 am   رقم المشاركة : 2
الرمادي
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية الرمادي






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : الرمادي غير متواجد حالياً

أختي العزيزة نور


نعيش داخلنا أحزان كبيرة تعصف بنا بإتجاه الليل القادم لنتدثر بظلامه عله يخفي ماتذرفه مقلتينا بعيدا عن الآخرين .. ولكن ماإن ينفرج أمامنا الصبح بنوره ويحمل معه مابقي من سرابيل الظلام إلا ونحن نهرول في هذه الحياة بحثا عن أحزان الآخرين لنشاركهم إياها .. وكأننا نحاول تذكر طعمها لفقدها من أيام طويلة !!

فأصبح الشجن .. الفراق .. العذاب .. الجراح .. الوداع مفردات نتلذذ بقرأتها والتمعن في مواقعها من الكلام بحثا عن حزن لم نتذوقه بعد !!

وإكمالا لذلك فقد رأيت أن أورد قصة أخرى للقاصة هديل الحضيف لاتقل روعة وألما عن سابقتها ..



أمل أن تعود أمها يوما


أحزانها أكبر من جسدها النحيل، و همومها أثقل من أن يحملها قلبها الصغير...


ذاقت الويلات التي يعجز بعض الكبار عن تحملها.


تلوب في أروقة المدرسة تبحث عن عيون ترحمها لكن بصرها يرتد خاسئاً.


مات أبوها قبل عام، و منذ وفاته و المرض ينشب أظفاره في جسد أمها المنهك، حتى أحاله إلى لون أصفر باهت

... مع من تتحدث؟


ربما إلى جدران مدرستها التي كانت قبل سنة أجمل مبنى رأته...

ففي اليوم الأول من ذهابها إلى المدرسة رجعت إلى و الديها وهي تقول: ذهبت إلى ناس عندهم بنات جميعهن في نفس سني.

ضحكت أمها كثيراً كما ضحك والدها...


لكن كان منذ سنة عندما كان والدها حياً، أما الآن فقد غيبه الموت،
وغيب معه ضياء البراءة الذي كان يشع من عينيها،و أطفأ بريقاً كان يلمع في وجه و الدتها.




*********



رجعت من المدرسة بعدما أعلن الجرس انتهاء الحصة الخامسة و هي تحمل حقيبتها الصغيرة، و تحمل معها هموم الدنيا على ظهرها، واتجهت و هي تجر خطاها نحو منزلهم الواقع في نهاية الشارع.


آه... كم هو محزن أن تحمل طفلة لم تتجاوز الثامنة هموم من تجاوز الثمانين!


طرقت الباب لكنه لم يفتح، لم تستغرب لأن هذه حالة أمها ...

لا تستطيع الإسراع بالمشي من شدة المرض الذي أصابها بعد وفاة والدها...

دقت الجرس مرة ثانية، و ثالثة و لكن لا مجيب.


أحست بالخوف، ثم صاحت:


أمي..أمي لقد أتيت...أمي ...


لكن أمها لم ترد،عند ذلك ظنت أن أمها ة منها لأنها وجدت نصف فطيرة الصباح التي لم تأكلها و خبأتها تحت الأريكة،فقالت و هي تبكي:

أمي أرجوك، افتحي الباب لن أعود لهذه الفعلة مرة أخرى...أرجوك أمي...


لكن أمها لم ترد... ثم بدأت تبكي بكاء مراً... لم يأبه بها أحد، و لم تلفت أنظار الفضوليين، فالكل مشغول عنها.

*********

هبط المساء رويداً...


و بدأت أطرافها ترتعش، ثم صرخت صرخة الآيس تنادي أمها:
أعاهدك لن أكررها مرة أخرى، سأموت من البرد....


لم يرتد إلى سمعها سوى تغريد العصافير عائدة إلى أعشاشها....


ألقت بنظرها إلى الشمس كأنها تتوسل إليها أن تشفع لها عند أمها كي تفتح الباب.حتى الشمس لم تأبه بها فسرعان ما دست رأسها خلف بنايات المدينة.


أقبل الليل بعباءته السوداء متقلداً الهلال الذي غدا كأنه خنجر تحيط به مجوهرات زادت الليل بهاء.


كان همها أن تدفئ جسمها النحيل، و تشبع معدتها الثائرة...
تمنت لو أنها أكلت كل الفطيرة!....

*********

لم تستطيع أن تتحمل شدة البرد و الجوع فتوجهت بخطوات خائفة نحو منزل جيرانهم.


إنها لا تعرف منهم سوى و جه والدهم العبوس دائماً...دقت الجرس و أناملها الصغيرة ترتجف، فأتاها رد من خلف الباب:من هناك؟
أنا منى ياخالتي...
منى؟...
بنت جيرانكم...
فتح الباب ببطء و أطل من خلفه وجه سيدة جاوزت الثلاثين:
من أنت؟ وما شأنك؟!
أنا منى يا خالتي... أرجوك اطلبي من أمي أن تسامحني،أرجوك ياخالتي...

- ماذا؟ و ما شأني أنا؟صحيح ( ناس ماعندهم ذوق ) و أغلقت الباب بقوة...


كومت جسمها النحيل أمام الباب وانخرطت في بكاء مرير شد انتباه ابن جيرانهم العائد من سهرته، وراعه أن تكون هناك طفلة صغيرة في الشارع في مثل هذا الوقت،اقترب منها و سألها: من أنت يا صغيرتي؟

-أنا منى

-منى من؟

- منى خالد.

-أين تسكنين يا منى؟

- في هذا البيت.

أخذته الحيرة ربما لقرب منزلهم و مع ذلك لا يعرفها، أو ربما لخروجها من المنزل في هذا الوقت...سألها:

- لماذا خرجت و الجو بارد،و الوقت متأخر؟

- أنا لم أدخل حتى أخرج.

- كيف؟

- منذ أن أتيت من المدرسة لم أدخل المنزل...أمي ة عليََّ لأني لم أتناول فطوري كاملاً هذا الصباح...

استغرب القصة و لم يتوقع أن تكون هناك أم بمثل هذه القسوة، ثم سألها:

هل قالت لك أمك أنها لن تدخلك لأنك لم تأكلي إفطارك؟

أجابت: لا، ولكنها لم ترد عليَّ منذ أتيت من المدرسة.

بدأ يساوره القلق فسألها: أين والدك؟...

عند ذلك لمح دمعة برقت في عينيها، ثم قالت و العبرات تخنق صوتها: ليس لي أب...أبي مات....


أجابها:تعالي لأطلب من أمك أن تسامحك، ولتكن هذه آخر مرة تتركين فيها إفطارك.

ردت عليه: لقد حاولت قبلك، لكن أمي لم ترد عليَّ...

اتجها إلى باب منزلها،ورن الجرس مرة و أخرى،ثم قالت:إنها هكذا لا تستطيع الإجابة على الطارق بسرعة فهي مريضة.


التفت إليها و سألها: هل مرضها شديد؟


نعم فهي لا تستطيع أن تنهض من السرير إلا بصعوبة.

عند ذلك عرف السر فقال لمنى: هيا معي إلى منزلنا لتأخذي عشائك، ثم اتصل بأمك هاتفياً.


أذعنت الصغيرة لابن جيرانهم (وليد) الذي لم يتجاوز العشرين...فتح باب المنزل بهدوء حيث كان الكل نائماً فطلب منها الدخول بهدوء، ثم أمرها بالجلوس بالصالة وأشعل المدفأة،و توجه إلى المطبخ و أحضر لها قطعة خبز قد حشاها بالجبن ومعها كأس من العصير،و اتجه نحو الهاتف

...وطلب الإسعاف.

بعد أن أغلق الخط. توجهت الصغيرة إليه و سألته:

هل ستسامحني أمي؟....


نظر في عينيها الحزينتين ثم قال:إن شاء الله...


شعر أن الوقت ثقيل،فخرج إلى الشارع ينتظر قدوم سيارة الإسعاف حتى و صلت.

********

اقتحم وليد و معه طاقم الإسعاف المنزل، ثم توجهوا إلى المريضة فوجدوها ساكنة سكون الموت...


لقد ماتت أم منى...


لتلحق بزوجها وتركا خلفهما طفلة بريئة...

***********

خرج وليد من منزل جارته و هو يجر خطواته جراً تهاجمه خواطر عن تلك الصغيرة التي لم تتجاوز الثامنة و قد غدت بلا أم و لا أب...

استمرت الخواطر تتورد عليه،ولم ينتبه إلا و منى تسأله عند الباب:

هل رضيت أمي؟


...أرجوك...

أخبرني...

نظر إليها مشفقاً على تلك المقلتين الناعستين أن يهطل منهما الدمع مدراراً، و تعجب أن يقاسي ذلك القلب الصغير الويلات و قال:


منى...أمك مريضة...ويجب أنتنامي الليلة في منزلنا...


فردت باكية: ولكني أريد أن أنام عند أمي...


أختي في مثل سنك و ستفرحين كثيراً عندما تلعبين معها فاجلسي الليلة هنا...

تسلل وليد إلى غرفة و الديه بهدوء و أيقظ أباه الذي تفحص ساعته بعينين أثقلهما النوم، ثم خاطب ابنه معاتباً: الساعة الثالثة و النصف، ألا تستطيع تأجيل طلبك إلى الصباح؟...

قام متثاقلاً من فراشه حتى خرج من الحجرة،ثم سأل وليد:ماذا تريد؟ أشار وليد إلى منى و قد راحت في نوم عميق قرب المدفأة...

سأله أبوه مستغرباً من هذه؟ أجاب هذا ما أيقظتك لأجله...ثم أخبره القصة.


***********

انفجر أبو وليد اً: منذ متى نعول أبناء غيرنا، أما تكفوني أنتم؟..فضولك الزائد قادك إلى هذا...

اسمع...هذه البنت لن تجلس في بيتي إلا إلى الصباح...أتفهم؟

......دور الرعاية تملأ الدولة...عندهم تجد من يستطيع كفالتها.

حاول وليد و لكن بلا طائل.

***********

لم ينم وليد تلك الليلة، و ظل يفكر في مصير تلك الطفلة و حظها العاثر.
تمنى ألا تشرق الشمس أبداً، حتى لا تخرج من منزلهم إلى المجهول، لكن لم يشعر إلا و المؤذن يؤذن لصلاة الصبح...توجه إلى المسجد ودعا الله أن يسخر لمنى من يكفلها.


*********

رجع وليد فاستقبلته من عند الباب و قالت الآن أرجعني إلى أمي.أجابها: مارأيك أن تذهبي معي قليلاً ثم نعود إلى أمك...أركبها معه في سيارته و ذهب بها إلى الحديقة...إلى السوق،ثم إلى مدينة الألعاب...اشترى لها كل ما طلبته.
أخيراً توجه إلى دار رعاية الأيتام و أنزلها معه و قال:ياصغيرتي ستبقين هنا...قاطعته: وأمي لماذا لا تأخذني إليها؟ أدار ظهره وهو يخفي دمعتين حائرتين و قال في نفسه: مهما حرمك القدر فالله أعلم و أرحم بك...


و مضت الأيام و لا تزال منى على أملها....


أمل أن ترجع أمها يوما ما...


*************
النهاية....


هديل محمد الحضيف
نقلاً عن مجلة الأسرة







التوقيع

[fieldset=استراتيجية ..]
سقطت الأقنعة .. فاختنقنا .. ورحلنا !
[/fieldset]

قديم 23-07-04, 07:28 am   رقم المشاركة : 3
أشرقت
عضو محترف





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : أشرقت غير متواجد حالياً

يالله الصراحه قصص مؤثره
صيحتوني على هالصبح
مشكورين







قديم 23-07-04, 09:15 pm   رقم المشاركة : 4
noor
عضو قدير





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : noor غير متواجد حالياً

الرمادي

رغم قراءتي للقصة سابقا الا انها اثارت في الحزن مرة اخرى

ومع ذلك ( اتراها لا زالت تتنظر أمها !! )


شكرا جزيلا لإضافتك







قديم 24-07-04, 05:34 am   رقم المشاركة : 5
فيافي نجد
عضو قدير
 
الصورة الرمزية فيافي نجد





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : فيافي نجد غير متواجد حالياً



والله العظيم كلهم روعة


شكرا على ذوقكم الرائع


ليتكم بس دايم تتخيرون لنا قصص حلوه








التوقيع

[align=center]ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لو تصادر ذاكرتي
فالذاكرة من الممنوعات في تاريخ النساء
إذا كنت تجهل ذلك
فلتعلم أنها إذا أدمنت رجلاً
فلا علاج لها
[/align]

قديم 24-07-04, 07:07 am   رقم المشاركة : 6
الاخـصائي
عضو فضي






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : الاخـصائي غير متواجد حالياً

بسم الله والحمد لله
ولا نزال نترنم ونرقص على اوتار الحزن
وكأن انفسنا قبلت بالحزن حبيبا
او شقيقا
فيا نجم تهادى للمغيب
ويا شمس اسرعي للشروق
( المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف وفي كل خير)
تحيتي لكم الاخصائي







قديم 24-07-04, 01:27 pm   رقم المشاركة : 7
noor
عضو قدير





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : noor غير متواجد حالياً

أشرقت

حتى لو بكينا هل تلين قلوبنا بعدها ؟؟









فيافي

بس تبغين قصه حلوه ؟

ابشري بالكتاب كامل


الروعه بتواجدك ..







قديم 25-07-04, 08:32 am   رقم المشاركة : 8
الرمادي
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية الرمادي






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : الرمادي غير متواجد حالياً

أختي العزيزة نور

بالتأكيد أنها لاتزال تنتظر ولكن هل تجد مايخفف شوقها فهذا هو السؤال ..

والخوف كل الخوف أن يثير ماتجده لهيب ذلك الشوق لتظل بقية العمر تعيش على أمل الأنتظار ..


ولك تحياتي وتقديري ,,,







قديم 25-07-04, 08:43 am   رقم المشاركة : 9
الرمادي
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية الرمادي






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : الرمادي غير متواجد حالياً

أختي العزيزة فيافي نجد


لا أعتقد بأنك لم تقرأي قصة ( أنت لي ) ! للكاتبة د. قمرة ( تمر حنا )

فهي تفوق الخيال بشكل لايمكن وصفها ويكفي أن أقول بأن كل من قرأها لابد وأنه وجد فيها شيئا يتوافق كليا مع مابداخله إضافة إلى الأسلوب الرائع لكاتبتها وصفا وتعبيرا وتشخيصا لأحداث تلك القصة ..

ولكن أتمنى أن لا تحمليني نتيجة قرأتك لها !!! لاتسألي ماالنتيجة لأنك ستجدينها في نهاية القصة !!

وكنت أتمنى نقلها إلى هذا المنتدى لولا رغبة كاتبتها بعدم نسخها إلى أي منتدى آخر .. وإحتراما لتلك الرغبة لم أجد حلا سوى وضع الرابط هنا مع إعتذاري الشديد لمخالفة قوانين المنتدى ولكن هو الحل الوحيد بنظري ..

http://forums.naseej.com/showthread....5&pagenumber=1

وأتمنى لك قرأة ممتعه ..







التوقيع

[fieldset=استراتيجية ..]
سقطت الأقنعة .. فاختنقنا .. ورحلنا !
[/fieldset]

قديم 25-07-04, 01:48 pm   رقم المشاركة : 10
noor
عضو قدير





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : noor غير متواجد حالياً

الأخصائي

ولا نزال نترنم ونرقص على اوتار الحزن
وكأن انفسنا قبلت بالحزن حبيبا
او شقيقا
فيا نجم تهادى للمغيب
ويا شمس اسرعي للشروق
( المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف وفي كل خير)


لن ازيد على رائعك المضاف

شكرا جزيلا لك







قديم 29-07-04, 04:15 am   رقم المشاركة : 11
فيافي نجد
عضو قدير
 
الصورة الرمزية فيافي نجد





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : فيافي نجد غير متواجد حالياً

الرمادي

شكرا لأهدائك الرائع

قصة مشوقه مشوقة حتى النهاية البعيدة

وليتها بس ؟؟؟؟؟؟؟؟


شكرا لك مرة أخرى على أختيارك الرائع بروعة ابداعك الدائم







التوقيع

[align=center]ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لو تصادر ذاكرتي
فالذاكرة من الممنوعات في تاريخ النساء
إذا كنت تجهل ذلك
فلتعلم أنها إذا أدمنت رجلاً
فلا علاج لها
[/align]

قديم 30-07-04, 03:25 am   رقم المشاركة : 12
ماجد الأول
عضو قدير
 
الصورة الرمزية ماجد الأول





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : ماجد الأول غير متواجد حالياً

يصاغ الحرف فنُشجى ...

شكرا نور ..







التوقيع

[align=center](ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)[/align]
قديم 21-08-04, 12:54 am   رقم المشاركة : 13
noor
عضو قدير





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : noor غير متواجد حالياً

اعتذر

كان هناك بعض الأخطاء الطفيفه أثناء كتابة القصة

ففضلت تعديلها ومعاودة الرفع !







موضوع مغلق
مواقع النشر
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع
:: برعاية حياة هوست ::
sitemap
الساعة الآن 11:55 pm.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Alpha 1
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
موقع بريدة

المشاركات المنشورة لاتمثل رأي إدارة المنتدى ولايتحمل المنتدى أي مسؤلية حيالها

 

كلمات البحث : منتدى بريدة | بريده | بريدة | موقع بريدة