[c]إبداع جديد للشاعر الدكتور عبدالرحمن بن صالح العشماوي وكعادته بالتفاعل مع القضايا الإسلاميه [/c]
[c]أين بغداد عنا ؟ [/c]
[c] يا شذا المجـدِ في تُخُوم العراقِ *** يا بواكيرَ ذكريـــــــاتِ التَّلاقي
يا نخيلاً مــــا زال يُنْتِجُ تَمْــــراً *** ويُرينا بَشـــــاشةَ الإِعــــــذاقِ
يا خَيولاً يحـــدِّث الرَّكْضُ عنها *** بسبــــاقٍ يَزُفُّ بُشْرَى سبــــاقِ
يا فُراتـــاً، بــه تُرَوَّى المعـــالي *** ويُغنِّي بمــــــــائه كُلُّ ســــاقي
يا تَراتيلَ دِجْـــــــلَةِ الخير ، لمَّا *** سمـــع النَّهرُ هَمْهماتِ السَّواقي
يا غصوناً،لمَّا انجلى الليلُ عنها *** علَّمتْ مَنْ يُحـــــبُّ معنىَ العناق
جادها الغيثُ ، فاستجاب ثَراها *** وتَغنَّــــــى بخُضْــــرةِ الأَوراقِ
يا شذا المجد،أنتَ ما زلتَ تَسري *** في شرايين مُدْنَــــفٍ مُشتــــاقِ
تُنعش القلـبَ في مســاءٍ حزينٍ *** يلبس البـدرُ فيه ثَوْبَ المُحــــاَقِ
يا شُموخَ ابنِ حنْبلٍ،حين أعطى *** مثلاً للوفــــاءِ بالميثـــــــــــاقِ
يا ابتسـامَ الرَّشيد ، حين رآهــا *** وهي تَنْأى شـــــــديدةَ الإبراقِ
أمطري يا سحـــابةَ الخير أَنَّى *** شئتِ ، جُودي بغيثكِ الدَّفَّــــاق
فسيأتي إليَ منــــــــــكِ خَراجٌ *** من عطـــاءاتِ ربِّنـــا الرَّزَّاقِ
يا شذا المجد ، أينَ بغـــدادُ عنَّا *** ما لها استسلمتْ لطول الفراقِ؟
ما لها ســـافرتْ وراءِ سـرابٍ *** ما سقاها إلا سمومَ النِّفاـــــقِ؟
أين بغدادُنــــاَ ، لمـــــاذا تلظَّى *** بين أحشــــائها لهيبُ الشِّقاقِ؟
ولمـــــاذا أضلَّها الوَهْـــمُ حتى *** أسلمتْهـــــا يداه للإِخفـــــاقِ؟
يا بقلبي تلكَ المَغــاني ، أَراها *** تتلوَّى من قَسْــــــــوةِ الإحراقِ
يا بقلبي وجهَ المروءاتِ أمسى *** كالحاً مــــن تسلُّـــــطِ الفُسَّاقِ
يا بقلبي صـــــوتَ الحقيقةِ لمَّا *** ضـــــاع منَّا في ضَجَّة الأبواقِ
يا شذا المجــد،عين بغدادَ تبكي *** يا بقلبــــــــــي مدامــعَ الأحداقِ
آه يـا دارة الرشيــــــد ، رأينـا *** كيف تسطو قبيحــــــةُ الأشداق
ورأينـــــا الصِّراعَ ، بين طُغاةٍ *** فيكِ ، لا يُؤمــــــنون بالإشفاقِ
كَبُرَ الجرحُ يا حبيبـــــــةُ حتىَ *** أصبح الدمعُ حائراً في المآقي
ما استطعْنــا سيراً ، لأنَّا حُـفاَة *** ولأنَّ الرؤوسَ في إطــــــراقِ
ولأنَّ الإعصــــــارَ هَبَّ علينا *** وبقاياَ الخيـــــــــام دُوْنَ رِواَقِ
ولأنَّا عن نَبْعِنــــــــــا قد شُغِلنا *** بسراب المَجــــــــاهلِ الرَّقْراقِ
يا شــذا المجدِ،عينُ بغداد تبكي *** وتعـــــــاني من شدَّةِ الإرهاقِ
أين رايـــــاتُ خالدٍ ، والمثنَّى *** أينَ إشراقةُ الصَّباحِ العراقي؟
أين فَتْحُ الفــتوحِ يومَ رســــمنا *** لخيول الإيمـــانِ دَرْبَ انطلاقِ؟
حين سُقْنــا قوافلَ الخير، سُقْنا *** للبرايــا مكــــــارمَ الأخــــــلاقِ
ومددْنــــــا لهم جسورَ التَّآخي *** وفتحنـــــا منــــــــــافذَ الآفــاقِ
هكـذا يا عـــراقُ ، واراكَ عنَّا *** في وحولِ الرَّدَى جُنونُ الرِّفـاقِ
فتحـوا البــــاب للجراثيم حتَّى *** صِرْتَ تَشكو من"حَصْبَة ٍ"وحُمَاَقٍ
قدَّسـواالوهم،وامتطواكلَّ ظهر *** غير ظهـــــر الخشـــــوعِ للخلاَّق
لكـأني أرَى " حلَبْجــة" تسقي *** عطش الظُّلْمِ بالدَّمِ المُهْــــــــــراقِ
هكذَا يا عــــــراقُ صِرْتَ حبيباً *** بينَ بــــــاغٍ ومُلْحـــدٍ أَفَّــــــــــاقِ
في خِضمِّ القـصفِ العنيف،رأينا *** كيف تبدو حضـــــــارةُ الأَطباقِ
ورأينـــــــا حضارةَ القومِ عُنْفاً *** تتلقَّى الأَرواحَ بالإِزْهــــــــــــاقِ
تَهْدم الدارَ، تقتلُ الطـفلَ، ترمي *** بشظايـــا أحقادها مَـــــنْ تُلاقي
لمَّعَتْ وجهَها الدَّعـاوىَ ، ولكنْ *** مالها عند ربِّنـــــا مِنْ خَـــــــلاَقِ
يا شذا المجد في عراقِ الأَماني *** والمنايـــــــــا ، والوَرْدِ والحُرَّاق
يا شذا المجد في عـراق التَّجلِّي *** والتَّخلّيِ ، والخِصْــــبِ والإملاقِ
طـوَّقَتْ أمتي الحـوادثُ ، حتّى *** أصبحـتْ تشتكــــي من الأطـواقِ
ما يَئِسْنـــــــاَ-واللهِ-إنـــاَّ لنرجو *** فَــــــــرَجَ اللهِ ، بعدَ هذا الخِنَـاقِ
ما يئسْنــــاَ ، فإِنَّ طَعْم المآسـي *** في سبيل الرحمنِ ،حَلْوُ المـــذاقِ
سوف تفنى حجَـافلُ الظُّلمِ مهما *** أحكمتْ غُلَّهــــــا على الأَعنــاقِ
يدّعي المُدَّعونَ،والحـقُّ شَمْسٌ *** تُلْجِمُ المُدَّعــــــــينَ بالإشْــــراقِ [/c]