عندما نقوم بتعرية المشاعر المتدفقة فيضاً من الحنان ، نجد أننا نرتكب أكبر الحماقات ، لأننا نواجه الشعور الأصدق في قلوبنا. لذلك نحن ننتمي إلى إحياء ما كان منها جميلاً وإخماد ما كان الدخان منه يتصاعد رويداً رويداً . إننا نتعامل مع المشاعر الآيلة للسقوط في مخاوف الحب والعطاء ، من هنا يجب أن ندرك خطورة التعامل معها بكل هداوة وغرور. إننا عندما نشعل فتيل المشاعر نبدأ بالتحدي الأصعب في حياتنا اليومية . فكل إنسان يستطيع العيش من دونها في تعامله مع الآخرين ولكن عندما يقوم بوخز إبرها في جسد التعامل سيجد الصعوبة في إدراك ما حوله من أصدقاء وأعداء. إنه بهذا التصرف يفتح على نفسه باباً واسعاً لا يستطيع من خلاله فلترة المشاعر الجياشة ، بل إنها تدخل بدون استئذان ، وبدون مقدمات في أكثر الأحايين . في هذا الوقت ينجرف طبعه إلى الأسفل كلما أحس بضائقة شعورية ، فهو لا يقدر على المواجهة بقدر ما يستطيع العيش بمفرده مع الحسرات والتأملات . فالإنسان الذي يؤجل مشاعره في الوقت الذي يكون محتاجاً فيه تلك المشاعر يستطيع بطبيعة الحال الصبر على عدم إظهار المشاعر بسرعة ، ويستطيع أن يتعامل مع الغير بكل برود . فالمشكلة إذن ليست بقبول المشاعر فحسب ، وإنما في طريقة التعامل معها . هناك الكثير من البشر من يستطيع العيش بدون مشاعر ظاهرة ، وعلى النقيض من ذلك هناك طائفة لا يستطيعون العيش بدونها . والفرق بين هاتين الطائقتين هو الإحساس بالوحدة. فبينما تحس تلك الطائفة بالحياة بجميع أشكالها نرى تلك الطائفة الأخرى لا تجد طعماً للحياة بدون مشاركة من تعامله معاملة خاصة مليئة بالتبادل المحترم والشعور الدافئ .