بعد عناءِ يومٍ طويلٍ وشاق
تمدّدتُ على أريكتي المُتهالكة .. والتي مابرِحَتْ تَئِنُّ من كثرة معانقةِ جسدي .. ذو اللباس المُهْتَرِئْ !
وكنتُ حينَهَا .. أسمعُ معَ أَنِيْنها
صوتٌ آخر خافِت !!
يُلازِمُ أُذناي حَالَ وُلُوجِيْ عَرِيْنِي
صوتُ مَاذا ياترَى ..؟
نهضتُ مِنْ علَى مَرْتَعِي .. ثُمَّ بدأتُ أتجوّل في أنحائِه !
بحثاً عنْ مصدرِ ذلكَ الصّوْت ..
وَهُــنَــاك ...
فوقَ مِنْضَدَتِي التي قضَى عليْهَا الزّمن
رأيتُ ..
(( شَيْئًا ))
قدْ تراكمَ عليهِ طبقاتٌ مِن الغُبَار
وَيْكَأَنّهُ يلفِظُ أنْفَاسَهُ الأخيرة !
جرّاء اِزْدِحام حُبَيْبَاتُ الرّمل فوقَه !!!
أزحتُهَا عَنْه ..
وتصفّحْتُ ورَيْقَاتِهِ الرثّة !
لأَرى مَا حَوتْ .. فإِذ بِيْ أقرأُ ( كَلِمَات )
كنتُ أُردِّدُ بعضًا منْهَا فِي الإذاعةِ المدْرَسيّة
قبْلَ أنْ يتقدّم بِي العُمُرْ !!
" خَيْرُ مانفْتَتِحُ بهِ إذاعتُنَا هذا الصّبَاح .. آياتٍ كريْمَة يَتْلُوْهَا الطّالب : ..... "
حيْنَهَا .. وحيْنها فقَطْ
عرفتُ بأنّ مابيْنَ يَدَيْ ..
كِتَابُ اللهِ
بدأْتُ بِعِتَابِ نفسِي .. الغَارِقة فِي أَبْحُرِ الضّلال !!
أَيُعْقل أنْ أصنَعَ صنِيْعِي هَذا ..
وَ أَدَع ــه
دونَ أي اهتِمَام .. ليكْتَسِيه الغُبار !
ضَمَمْتُهُ لـ صَدْرِي
ثُــــــــــــمّ ..
ثُـــم جَاء(تْ) ..
وَ لِبَاسُ العَافِيَةِ أَثَرُهُ جَلِيْ !
جَاءتْ بَعْدَ غيابٍ دَامَ سَنَواتٍ طِوَال !
هَتَفَتْ :
بُنَيْ .. أَصَنِيْعُكَ هَذَا هُوَ حَلِيفُ [ وَصِيّتِي ] ..؟
أيْنَ هِيَ مُعاهدتُكَ لِيْ ..؟
أين أنْتَ مِنْ أحْرُفُكَ التِي لَفَظْتَهَا ..؟؟؟
أيْن أنتَ مِنْ شِعَارُك [ سَيَظلُّ رفيْقِي .. حتّى مَمَاتِي ] ..؟
أَمْ أنّ ذاكَ كُلّه .. مُجرّدُ
عِبارَاتٍ كانَتْ نَتَاجَ عَبَرات مُحْرقه !
بُنَيْ .. مَالِيْ أَرَاكَ تَلْهَثُ وَرَائهَا !!
وَكَأنّهَا هِيَ دارُ الإِقَامَة !
بُنَيْ .. عُــدْ لِرُشْدِك ..
فَالرّحيلُ لابُدَّ مِنْه .. وهْوَ آتٍ لا محَالَة !
ثُــــــــمّ .......
أُمِّــي .. أُمِّـــــــي ..أُمِّــــــــــــــي
أرْجُوكِ عُوْدِي .. واِسْمَعِيْنِي ..
أُمِّــــــــــــــــــــــــــــي !!!
اِرْتَفَعَ صوْتِي .. وَ لَكِنْ ......... لا مُجِيْب !!
الــلـــهُ أَكْــبَـــر .. الــلـــهُ أَكْــبَـــر
تَهَادَى صوتُ الحَقِّ لأُذُنَاي .. وانْسَابَ عَلَى قَلْبِي
كَـ انْسِيابِ المَاء الزُّلال .. عَلَى قَلبِ مُلْهَثٍ عَطْشَان !
لِيُعْلِنَ ذَلِكَ النِّدَاء .. عَنْ بِدايةِ يوْمٍ سَأُطْلِقُ عَليْهِ فِيْ دَفْتَرِ مُذكراتِيْ بِــ :
" يَوْمَ لِقَائِي بِهَا .. وَ .. عَوْدَةُ نَفْسِيْ لِرُشْدِهَا "
العرض العادي
