بسم الله الرحمن الرحيم
وفي الجنّاتِ يا (أمّي) اللقاءُ
ماتت أمّي فَحَسب !!
أعتذر إليك أمّي عن هذه الأبيات التي لا تعادل شيئاً من حقّكِ عليَّ ، ولكنها نفثة مصدور ، وهذه هي ( الزفرة الأولى )
( نورة بنت عبد العزيز الغنيم المانع )
رحمك الله إذ ودّعتِ حياتنا الفانية صباح 3 / 3 / 1430هـ
[poem=font=",6,,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="http://www.buraydh.com/forum/mwaextraedit2/backgrounds/75.gif" border="groove,4,silver" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
أعزيكِ أ(لؤلؤةٌ) و(نَفسي) =و(إخواني) ، فمِنْ ربّي العزاءُ
لَقَدْ بُلِيَتْ (حبيبتُنا) بأمْرٍ=جَسيمٍ ، لِلحشا فيهِ اصطلاءُ
تَمَزّقَ (بطنُها) مِنْ كلِّ جَنْبٍ =وعندَ اللهِ للبلوى جزاءُ
تُعاني أمّنا (عَطَشاً) مُمُيتاً =أيُرْوِي بينَ (منديلينِ) ماءُ؟!
تحيَّرَ (طِبُّهمْ) في شأنِ (أمّي)=فما أجدى لأمراضٍ دواءُ !
مشايخُ يقرؤون كتابَ ربّي =على جَسَدٍ تغشّاهُ البلاءُ
فَكمْ كانتْ تنادي في خفوتٍ:=فيكْبو دونَ مَسْمَعِنا النّداءُ
إلهي ربِّ لا تُطِلِ البلايا =وعندَكَ مِنْ شديدتنا رخاءُ
أشَوْقاً للرّحيلِ إلى إلهي = (فأمّي) في ضيافَةِ منْ تشاءُ
دهانا الموتُ ، قوِّضَت الخيامُ=رحلتِ أ(أمّي) أينَ لنا الغِطاءُ؟
أيا (أمّاً) ولا كالأمّهاتِ=عزيزٌ فَقدُها ، ذاكَ العناءُ
فوا حُزني (صباحَ السّبتِ) إنّي=فُجِعْتُ بها ، وللأجلِ انقضاءُ
هُرِعتُ إليكِ في المَشفَى لعلّي =أرى أمّي ، وقدْ سبقَ القضاءُ
على الصدرِ الحنونِ وضعتُ خَدّي =أغالطُ نفسي إن نفعَ الرجاءُ
أهامِسُها : أحقاً قدْ رحَلْتِ؟!=أجسُّ النَبْضَ ! هل هُدِمَ البناءُ؟
فقبَّلتُ (الجبينَ) جبينَ طُهْرٍ=و(يُمناها) التي منها العَطاءُ
و(عينيها) وقدْ شَخَصَتْ لِرَبٍّ =و(يُسْراها) و(بَطْناً) لي وِعاءُ
و(ساقاً) حينَ مُدَّت جَنْبَ (ساقٍ)=و(بطنَ الرِجْلِ) حيثُ لها حِذاءُ
دعائي حينَها : رُحْماكِ ربّي =وثَبِّتْ (أختي) إذ فَدَحَ البلاءُ
أشرتِ بـ(أصبعِ التوحيدِ) أمّي=تمنّى ذا (الخِتامَ) الأتقياءُ
حُمِلْتِ إلى المغسِّلِ يا حياتي =- فلولا الشّرعُ– ما غُسِلَ الصّفاءُ!
و(لؤلؤةٌ) تُغَسِّلُكِ بِرِفقٍ=نقاءٌ باتَ يَغْسِلُهُ نقاءُ!
و(خالي) بعدَ تغسيلٍ أتاكِ = (أبو عبدِ العزيزِ) ، وذا ابتلاءُ
فَقَبَّلَكِ وحَشْرَجَ ثمَّ ولّى =علا منهُ أيا (أمّي) البكاءُ
أيا (خالي) عزيزٌ فَقْدُ (أختٍ)=ففي (ضَحَواتِكمْ) يحلو الصّفاءُ
وجاءَ (أبي) فَقَبَّلَكِ بِحُزن =دموعُ الصادقينَ لهمْ وفاءُ
(شريطُ الذكريات) طوَاهُ دَمْعٌ = (شريكة عُمرِي) يا أينَ الإخاءُ؟!
وفي الأكْفانِ (أمّي) أرى ابتساماً= (أحبّتها) دنا لهمُ اللقاءُ!
بِحَمْدِ اللهِ لَحَّدَكِ بنوكِ =(عليٌّ) (غانمٌ) ، ذاك السّناءُ
وقفْتُ على (شفيرِ القبْرِ) عصراً =دموعُ العينِ زادي والدعاءُ
صَمُوتٌ عندَ قبْرِكِ في ذهولٍ =أحقاً غِبْتِ عنّا يا ضياءُ؟
أسرَّ إليَّ (صالحُ) في خفوتٍ:=أ(إبراهيمُ) هلْ خُتِمَ اللقاءُ؟!
أ(صالحُ) كُفَّ ، لا تَزِدِ المآسي =فطأطأنا ، وزادَ بنا البكاءُ
أمَا والتُرْبُ قدْ غطّتْكِ (أمّي)=فغايةِ مُنْيَتي أني الفِداءُ!
وكيفَ يطيبُ عَيشي فوقَ أرضٍ =و(أمّي) تحتَها ؟ أنّى الهناءُ؟!
وما دامَ الثرى واراكِ (أمّي)=فكلُّ لذائذِ الدّنيا هَباءُ
أأذكرها ؟ محالٌ ! كيفَ أنْسى؟=أتُنْسى (الأمّ) ؟ ما هذا الهُراءُ؟
يراها القلبُ في إشراقِ صُبْحي =وتؤنسني إذا هجَمَ المساءُ
وجوفَ الليلِ كمْ زارتْ بطَيفٍ =وإنْ أرقدْ يطيبُ بها اللقاءُ
فَقدتُكِ فَقْدَ طِفلٍ في رَضاعٍ =شريدٌ ليسَ يحْميهِ الوِقاءُ
صَبِيٌّ إيْ وربّي دونَ (أمّي)!=وفي فَقدِ الحنانِ يُرى العَناءُ
مريضٌ إيْ وربّي دونَ (أمّي)!=جلوسي عندَ رِجْلَيها دواءُ
إذا ما نابني همٌّ ثقيلٌ =فضاقَ لديَّ عَيشي والفضاءُ
أجيءُ لها فتمْحَضني بِنُصْحٍ =وإنْ أخرجْ يصاحِبْني الدّعاءُ
سؤالُكِ عنّي في (الغدَواتِ) أمّي =هَناءٌ ما يوازيهِ هَناءُ
فـ(جوّالي) يُصَبِّحُني بدِفءٍ =سلامُكِ لي أيا (أمّي) حداءُ
بـ(بُرْهومٍ) تغنّي في سرورٍ =فيا للهِ هلْ فُقِدَ الغِناءُ؟
وكمْ غشّاكِ يا(أمّي) ارتياحٌ = (بمكةَ) حيثُ يهوى الأتقياءُ
نطوفُ بـ(بيتِ ربّي) في خُشوعٍ =بِطُهْرِ البيتِ مازجهُ النقاءُ
وفي (يوم الخميسِ) لنا فُطورٌ =إذ (الزيتونُ والبُرُّ) الغِذاءُ
وكمْ (وِرْدٍ) قرأناهُ جميعاً =إذا حلَّ الصّباحُ أو المَساءُ
يحِنُّ إليكِ (أمّي) كلُّ شيءٍ = (فِراشُكِ) فيهِ (عِطْرُكِ) و(الغِطاءُ)
(حليبٌ) ساخنٌ في (زَنْجبيلٍ)=و(هاتفُ) غُرفةٍ فيها الثواءُ
و(هَبُّودٌ) يُفَصْفَصُ ذا أنيسٌ =فَمُتْعَتُها إذا زالَ اللّحاءُ
و(أشْرِطَةٌ) تؤانِسُكِ بِلَيلٍ = (تلاواتُ) الكتابِ بهِ الشِفاءُ
ستفْقِدُكِ (دِلالُ البُنِّ) أمّي =وذاكَ (الزعفرانُ) لها طِلاءُ
و(دِيوانيّة) فيها اجتماعٌ =و(مِنفاخٌ) لِنَارٍ و(الفِناءُ)
وأين (جَريشُ) أمّي و(البوادي)؟=تُفاكِهُنا إذا حلَّ الشتاءُ
بكاكِ الكلُّ يا (أمَّاهُ) صِدْقاً =وفي (يومِ الوداعِ) بكَتْ سَمَاءُ!
بكاكِ الشِيبُ والأطفالُ طُرّاً =بكاكِ رِجالُ قومي والنّساءُ
بكَتْكِ (أراملٌ) تَرجوكِ عوناً = (يمينُ) البِرِّ غلَّفها الخفاءُ
وحتى (الخادماتُ) بكتْكِ (أمّي)=فليسَ بِقَلْبِ (أمّي) كِبْرِياءُ
بكاكِ (السائقون) ، أرى وجوماً =علا قَسَماتِهمْ ! أمْرٌ جلاءُ
بكَاكِ (صِغارُنا) شِعْراً ونَثراً =مشاعرُ كادَ يخفيها الحياءُ
فـ(تَفريحُ الصّغارِ) لها منارٌ =يطيبُ لديهمُ فيها التقاءُ
تنوّعتْ المآثِرُ فيكِ (أمّي)=لكِ في كلِّ معروفٍ دِلاءُ
ألا (أمّاهُ) نَامِي في هناءٍ =بحِفظِ اللهِ يحمينا الوِقاءُ
فلا تَخَشَي علينا مِنْ شتاتٍ = (بنوكِ) مع (الشقيقةِ) أوفياءُ
لـ(لؤلؤة) المعالي كلُّ وَصْلٍ=فَبِرُّكِ أنْ يظلَّ لها الوفاءُ
و(خالي صالحٌ) يا ريحَ (أمّي)=بقاءُ (الخالِ) في الدنيا رخاءُ
لـ(ليلى) بعدَ (أمّي) كلُّ حَقٍ =فـ(خالتنا) لها منّا الولاءُ
وفي (فضليّةٍ) للوصْل نبقى =بِوَصلِ (الخالِ) يا (أمّي) اهتداءُ
رضِينا ما قضى الرحمنُ ربّي =لهُ التسْليمُ يفعلُ ما يشاءُ
وأجرَ (شهادةٍ) أرجوهُ (أمّي)=لكِ ، في (بَطْنِكِ) استشرى الوباءُ
سلاماً (أمّنا) ، ذِكراكِ فينا=وفي الجنّاتِ يا (أمّي) اللقاءُ
إذا حفِظَ الإلهُ لنا (أبانا)=ففيهِ وربّي يا (أمّي) العزاءُ[/poem]
ابنك الفجيع بفقدك
د / إبراهيم بن عبد الله الغانم السماعيل
20 / 3 / 1430هـ