في أسرة كادحة في احد الاحياء الفقيرة وعندما بلغت الثامنة عشرة من عمرها تزوجها رجل ميسور الحال
في الاربعين من عمره وهو متزوج من اخرى منذ خمسة عشر عاما ولم ينجب منها اطفالا،
فتركت منزل اسرتها وانتقلت الى منزل زوجها الذي يقع في احدى المناطق الراقية حيث قطنت في الطابق الثاني
بينما الزوجة الأولى تقطن في الدور الاول.
وانطلقت «,,,» تعيش حياتها الجديدة بسعادة تلهو تتسكع في الاسواق تشتري كل ما تشتهيه
من مأكل وملبس ولا يعنيها شئ سوى اضاعة الوقت.
وعلى الرغم من انها لم تشعر بأي لمسة من لمسات الحب والعاطفة تجاه زوجها الا انها كانت راضية على حياتها
فهو له حياته الخاصة فقد كان سكيرا مدمنا يقضي وقته مع العاهرات،
وحاولت بشتى الوسائل ان تنجب منه مولودا لتضمن ثروته فمن يضمن لها ان لا يطلقها اذا لم تنجب له او في اسوأ
الظروف يتزوج عليها كما فعل سابقا.
وفي صباح يوم من ايام الصيف الحار سمعت ضحكات زوجها تنبعث من الدور الاول دون ان تعرف اسباب ذلك
ولكن سرعان ما تكشف لها ان زوجته الاولى حامل يا لسوء الحظ كيف يحدث ذلك بعد هذه السنين الطويلة
ومن ذلك اليوم شعرت انه لم يعد لها اي قيمة فالزوجة الاولي اصبحت هي المدللة.
وما ان انجبت الزوجة مولودا ذكرا حتى نكبت «,,,» حظها العاثر الذي جعلها مجرد رقم في المنزل
ليس الا وقد حاولت بشتى الوسائل مراجعة الاطباء لمعرفة سبب عدم حملها فأكدوا لها انها لا تعاني
من اية امراض تمنعها من الحمل وان المشكلة تكمن في ضعف زوجها، وعندما استفسرت عن كيفية
حمل زوجته الاولى تبين انها انجبت طفل انابيب فقررت ان تفعل مثلها الا ان زوجها رفض ذلك
مؤكدا انه لم يعد بحاجة الى مولود آخر وانه سيعتني بطفله وسيقوم بتربيته تربية صالحة.
ومرت السنوات حتى بلغ الطفل الخامسة من عمره.
وفي صباح احد الايام وجدت الزوجة الاولى طفلها جثة هامدة وقد احتقن وجهه وازرق جسده فأسرعت
مذهولة باستدعاء سيارة الاسعاف لإنقاذه وما ان حضر المسعف حتى وجد امه تحاول افاقته بينما
كانتالزوجة الثانية «,,,» تحاول تدليك صدره ولكن تبين ان الطفل قد لفظ انفاسه قبل ساعة وفي تلك اللحظة
استدعت الزوجة زوجها الذي حضر على عجل ولم يصدق وفاة طفله الذي انتظر ولادته سنوات طويلة.
وكانت كل الدلائل الاولية تشير الى ان وفاة الطفل طبيعية وعلى الرغم من ان الطبيب لفت نظره وجود آثار
اصابع على رقبته الا ان والده لم يأخذ تلك الملاحظة مأخذ الجد وطلب التصريح له بدفن الجثة في اسرع وقت
وسط بكاء وصراخ امه لكن الطبيب رفض التوقيع على شهادة الوفاة واحال الجثة الى الطب الشرعي لفحصها.
وحتى تلك اللحظات لم يهتم رجال الشرطة اهتماما جديا بهذه الشبهات.
وفي المقابل لم يخطر ببال ام الطفل ولم تشك لحظة ان طفلها مات مقتولا على يد شريكتها التي غالبا
ما كانت تتركه في حضانتها ورعايتها اثناء غيابها خارج المنزل.
وعندما اصدر الطبيب الشرعي تقريره بأن الطفل قد مات مخنوقا بعد ان شخص وجود علامات على رقبته
كدليل على خنقه لم يكن امام امه سوى اتهام «,,,» بقتله.
وعند احالة الامر الى النيابة العامة استدعى وكيل النيابة الطبيب الشرعي الذي شرح الجثة وسمع اقواله حيث اكد ما ورد بتقريره.
وكان التحقيق قد تشعب فتم سماع اقوال جميع افراد المنزل بمن فيهم الخدم الذين تركوا
الخدمة لعل التحقيق يقودهم الى ان احدهم ارتكب الجريمة بدافع الانتقام.
وفي نهاية التحقيق وجهت النيابة رسميا تهمة القتل لـ «,,,» رغم نفيها وعدم وجود شواهد على ارتكابها
الجريمة وعند احالتها الى المحاكمة تولى الدفاع عنها محام متخصص في القضايا الجنائية حيث تصدى لتقرير الطب الشرعي
وقرار الاتهام حيث فندهما مؤكدا انه لا يوجد دليل واحد على ادانتها ولحسن حظها كان الطفل يعاني من مرض الربو
لذلك لم تجد المحكمة الا اصدار حكمها ببراءة «,,,».
وعلى الرغم من ذلك رفض زوجها اعادتها الى منزل الزوجية وقام بتطليقها فعادت الى منزل اسرتها القديم ولم تحمل
معها من متاع سوى خيبة الامل.
وقضت «,,,» اياما عدة في غرفتها رفضت خلالها تناول الطعام او التحدث مع اي من افراد اسرتها وزادت حالتها سوءا
ولم تعد تميز احدا من حولها حتى قرر الاطباء انها تعاني من حالة نفسية وعصبية شديدة وانها اصبحت مختلة
عقليا وانه من الافضل ايداعها مستشفى الامراض العقلية لكنها لم تمهل اسرتها تنفيذ هذا القرار حتى عثروا عليها وقد
لفظت انفاسها حيث ازرق وجهها بعد ان اطبقت بيديها على رقبتها لتقتل نفسها خنقا كما فعلت بالطفل..