العودة   منتدى بريدة > المنتديات الأدبية > واحة الحرف

الملاحظات

واحة الحرف إبداعاتكم من نزف أقلامكم

موضوع مغلق
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 07-06-02, 05:05 am   رقم المشاركة : 1
ابو هيثم
عضو مميز






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : ابو هيثم غير متواجد حالياً
انا والطالبه موضي .....


هذه القصه اردت عرضها وهي من كتابة محمد الحضيف ....



( الساعة تقترب من الثامنة حينما استيقظت ..
- لقد تأخرت ... قلتها .. وأنا أصر أسناني غيظاً ، من المنبه .. الذي يخذلني في كل مرة ...
نفضت الشرشف عن جسمي ، وقفزت من فراشي . الربع ساعة التي أمضيها عادة في الاستعداد ، اختصرتها إلى خمس دقائق . ركبت السيارة وانطلقت .. كل شئ اختصرته .. إلا السرعة ، فإنها قد تضاعفت . يجب أن أصل ولو أدرك نصف الاجتماع . كان ذهني مشغولاً بحساب عدد التقاطعات المتبقية ، حتى أصل إلى الطريق السريع عندما دوى ارتطام ، عنيف في الجانب الأيمن من مؤخرة سيارتي ، وعكس اتجاهها تماماً .

حينما استعدت توازني ، بعد مفاجأة الصدمة ، كانت (أشلاء) سيارتي متناثرة أمامي ولمحت من بعد ، السيارة التي صدمتني تلوذ بالفرار .. قلت في نفسي :
سيارة فخمة .. لماذا يهرب صاحبها ، ورفرف من رفارفها يعادل قيمة سيارتي ..؟

لم أحتج لتفكير طويل ، لكي أقرر أن أطارده وأنسى الاجتماع . الصدمة قوية ، والتلفيات في سيارتـي كبيرة وأنا لا أستطيع أن أتحمل خسائر بهذا الحجم ..
الاجتماع يمكن أن يعوض . هكذا حدثت نفسي ، وأنا أنطلق وراءه بنصف سيارة تقريبا.

كان مرتبكا ، لذلك لحقته بسرعة ، وبدأتْ مطاردة غير متكافئة بين سيارته الفارهة والـ (نصف) المتبقي من سيارتي . شعر أني مدركة .. لا محالة .. فأنا صاحب حق ، والوضع الذي آلت إليه سيارتي ، لم يبق لي شيئا أخسره .

عند أحد المنعطفات خفض من سرعته كثيراً . لاحظت ذلك ، من نور الكوابح الذي ظل مضاءً أطول من كل مرة لقد استسلم .. قلت لنفسي ، وبدأت آخذ وضع الاستعداد للوقوف .

فجأة .. رأيت باب الراكب الذي بجانبه يفتح ، ولاحظت أنه يميل ، ويدفع (شيئا) إلى الخارج .. ثم أعقب ذلك صريخ عال لعجلات سيارته يصم الآذان ، وهو ينطلق بسرعة عالية ، تاركاً المكان ممتلئا برائحة احتراق الإطارات إثر احتكاكها الهائل بالأرض .

حينما فتح الباب .. وقذف بذلك (الشيء) ، كان أول ما سقط حقيبة .. ثم شيئاً ملتفاً بقماش أسود .. كأنه ..
- يا إلهي .. امرأة .. بل فتاة ..
هكذا صرخت ، وأنا أتقدم ببطء تجاه ذلك (الشيء) ، الذي قذف من السيارة .

نهضتْ .. وأخذت تنفض الغبار الذي علق بعباءتها ، وتتراجع ملتصقة بالجدار . حينما اقتربت منها ، أخذت تبكي وهي تلملم أطراف (مريولها) الذي تمزق ، إثر سقوطها من السيارة ..

- طالبه ..

قلتها ، وأنا أنظر إلى (مريولها) ، وأغراضها المدرسية التي تناثرت من حقيبتها .. وقفت قريبا منها ، وصرت أسمع بكاءها ، وحشرجة صوتها وهي تقول :
- أرجوك .. أرجوك .. أستر علي ، الله يخليك .. لا تفضحني ..

لم أدر ماذا أصنع . شعرت بارتباك وحيرة شديدة .. وتعطلت قدرتي على التفكير .
الموقف يبعث على الريبة : أنا .. وفتاة .. على ناصية الشارع . ثوبها ممزق وأغراضها مبعثرة على الأرض .. قلت لها .. بعد تردد ، دون أن أحدد ما هي خطوتي التالية :
- اركبي .. سأوصلك إلى بيت أهلك ..

صاحت ، بهلع :
- لا .. لا أريد بيت أهلي .. ستذبحني أمي .. أرجوك ..

كان يجب أن أتصرف بسرعة ، خاصة وأن المشهد أصبح ملفتاً للنظر . السيارات المارة ، صار أصحابها يحدقون بنا وكاد فضول بعضهم يدفعه للتوقف .

- اركبي الآن .. ونتفاهم فيما بعد .. في المقعد الخلفي لو سمحت ..
شرعت أجمع أغراضها ، التي تناثرت من حقيبتها المدرسية .. ثم عدت أدراجي إلى السيارة .. لم تكن قد ركبت ..

- لماذا لا تركبين ..؟
- الباب لا ينفتح ..

- تعالي إلى هذا الباب ..
ألقيت نظرة إلى داخل السيارة ، كان حطام الزجاج يملأ المقاعد الخلفية ..
- أووف .. لا باس .. اركبي في المقعد الأمامي ..

ركبت ، وحينما استوت على المقعد ، أخذت تجمع عباءتها ، لتغطي بها (مريولها) الممزق ، الذي أنشق عن ساقها إلى أعلى ركبتها بقليل . لمحت كفها .. بيضاء صغيرة. خمنت أنها لا تزيد عن الخامسة عشرة .

- تدرسين ..؟
- نعم ..

- في أي صف ؟
- الثالث متوسط ..

كان ظني في محله .. لون (مريولها) يشبه لون مريول شقيقتي ، التي تدرس في نفس المرحلة .

- (وش) اسمك ..؟
- موضي ...

كنت أسير بالسيارة على غير هدى ، وطاف في رأسي كثير من الأفكار :
أسلمها للهيئة .. أرجعها إلى بيت أهلها .. أعيدها للمدرسة .. أنا قطعاً لا أستطيع أن أبقيها معي ..

سألتها :
- موضي .. من هذا الذي كنت معه ..؟

لم ترد على سؤالي .. ولا أدري تحديداً لم سألتها . كنت أريد أن اختلق حواراً لأصنع جواً من الثقة ، يساعدني في فهم ملابسات أمرها .. ويمهد الطريق إلى قلبها ..

القلـوب المغلقة مثل دهاليز الاستخبارات .. مرتع خصب للخوف .. والتوجس.. والشك .. والريبة .. الساعة الآن تجاوزت التاسعة والنصف .. الوقت يمضي ، وأمامي أعمال كثيرة يجب أن أؤديها ..

حين فشلت محاولتي لاستدراجها للكلام ، رأيت أن أحسم الموضوع مباشرة .. قلت لها :
- موضي يجب أن تختاري بين أمرين .. أسلمك للهيئة ، أو أوصلك لبيتكم .. بقاؤك
معي غير ممكن .. كما أن أهلك لابد أن يعرفوا عن سلوكك ..

انفجرت باكية ، وبطريقة تنم عن سلوك طفولي حقيقي ، رفعت غطاء وجها ، وهي تتوسل إلي بعينين دامعتين ، أن لا أفعل ...
- أرجوك ... اذبحني .. لكن لا تسلمني للهيئة .. لا (توديني) لبيتنا .. والله هذي أول مرة أطلع فيها مع رجال .. ضحكت علي البندري ...

أشفقت على ذلك الوجه الطفولي البريء . قلت لها ، وأنا أسحب يدي من يديها ، وهي تحاول أن تجرها لتقبلها رجاء أن لا أسلمها للهيئة ، أو لأهلها :

- طيب .. طيب .. خلاص .. لن أسلمك لأحد .. لكن ما العمل ..؟
- إذا جاء وقت طلوع الطالبات .. أنزلني عند المدرسة ..
- متى ..؟
- الساعة الواحدة .. بعد صلاة الظهر ..
- بقي أكثر من ثلاث ساعات .. وأنا مشغول ..


أطرقت لحظات ، تعاقب خلالها على وجهها انفعالات من كل نوع .. الرهبة .. القلق .. الخوف من المجهول .
ثم نظرت إلي بعينين فارغتين تماماً من أي بريق .. وقالت :
- أنزلني عند المدرسة ..
- وبعدين ..؟
- أنتظر .. وإذا طلعوا الطالبات .. أروح لبيت أهلي ..
شعرت في أعماقي بحزن شديد لهذه البراءة الساذجة . هي بالتأكيد ليست من ذوات السلوك المنحرف المتمرسات.. ولا تعي خطورة الذي تقوم به .. ولا عاقبة تصرفاتها ..

- أنت صاحية .. تقعدين في الشارع ثلاث ساعات ..؟
لم ترد بشيء ، لكن الفضول دفعني لأن أسألها عن مكان مدرستها ، لأستدل من ذلك على اسم الحي الذي يسكنه أهلها ...
- أين مدرستك يا موضي ..؟
- في حي الأمل ..
حي الأمل ..؟
شعرت بمثل المسمار يخترق قلبي ..







التوقيع

ليس بالضرورة أن يكون ما سوى اللون الأبيض هو أسود ، فدعونا نؤمن ان ما لا نراه أبيضا قد يكون أحد ألوان الطيف ...

موضوع مغلق
مواقع النشر
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع
:: برعاية حياة هوست ::
sitemap
الساعة الآن 01:44 pm.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Alpha 1
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
موقع بريدة

المشاركات المنشورة لاتمثل رأي إدارة المنتدى ولايتحمل المنتدى أي مسؤلية حيالها

 

كلمات البحث : منتدى بريدة | بريده | بريدة | موقع بريدة