[align=center]
وصف للحجّاج حسن هند بنت النعمان (1) فأنفذ إليها يخطبها وأجزل لها مالا جزيلا وتزوج بها وشرط لها عليه بعد الصّداق مائتي ألف درهم . ثم دخل عليها في بعض الأيام وهي تنظر في المرآة وتقول
وما هند إلا مهرة ٌ عربية سليلة أفراس تحلّلها بغل
فإن ولدت فحلا فلله درّها وإن ولدت بغلا فقد جا به البغلُ*
فانصرف الحجاج راجعا ولم يدخل عليها , ولم تكن علمت به ، فأراد الحجاج طلاقها وأنفذ إليها عبد الله بن طاهر ، وأنفذ لها مائتي ألف درهم ، وهي التي كانت عليه وقال : يا بن طاهر طلّقها بكلمتين ولا تزد عليهما .
فدخل عبد الله بن طاهر عليها فقال: يقول أبو محمد الحجاج : كُنْتِ فَبِنْتِ(2) ، وهذه المائتا ألف درهم التي كانت لك قبله فقالت : اعلم يا بن طاهر ، أنا الله ، كنّا فما حمدنا وبنّا فما ندمنا ، وهذه المائتا ألف درهم التي جئت بها بشارة لك بخلاصي من كلب ثقيف*
فبلغ بعد ذلك عبد الملك بن مروان خبرها ووصف له جمالها ، فأرسل إليها يخطبها . فأرسلت إليه كتاباً تقول فيه بعد الثناء ، اعلم يا أمير المؤمنين أنّ الإناء ولغ فيه الكلب . فلمّا قرأ عبد الملك الكتاب ضحك من قولها وكتب إليها يقول " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا إحداهنّ بالتراب " فاغسلي الإناء يحل الاستعمال.
فلمّا قرأت كتاب عبد الملك لم يمكنها المخالفة فكتبت إليه بعد الثناء عليه : يا أمير المؤمنين ، والله لا يحل العقد الإ بشرط فإن قلت ما هو الشرط قلت : أن يقود الحجاج محملي من المعرة * إلى بلدك التي أنت فيها ويكون ماشيا حافيا بحليته التي كان فيها أولاً . فلما قرأ عبد الملك ذلك الكتاب ضحك ضحكاً شديداً وأنفذ إلى الحجاج وأمره بذلك .فلما قرأ لحجاج رسالة عبد الملك أجاب وامتثل الأمر ولم يخالف ، وأنفذ إلى هند يأمرها بالتجهّز ، تجهّزت ، وسار الحجاج في موكبه حتى وصل المعرّة بلد هند .فركبت في محمل الزفاف ، وركب حولها جواريها وخدمها ، وأخذ الحجاج بزمام البعيرة يقوده ويسير بها . فجعلت هند تتواغد عليه وتضحك مع الهيفاء دايتها ثم قالت للهيفاء : يا داية اكشفي لي سجف المحمل . فكشفته فوقع وجهها في وجه الحجاج فضحكت عليه . فأنشد يقول
فإن تضحكي منّي فيا طول ليلةٍ تركتك فيها كالبقاء المفرج
فأجابته هند تقول :
وما نبالي إذا أروحنا سلمت بما فقدناه من مالٍ ومن نشب
فالمال مكتسب والعز مرتجعٌ إذا النفوس وقاها الله من عطبِ
ولم تزل كذلك تضحك وتلعب إلى أن قربت من بلد عبد الملك فرمت بدينار على الأرض ونادت :
يا جمّال ، إنه قد سقط منّا درهم فارفعه إلينا فنظر الحجاج إلى الأرض فلم يجد إلا ديناراً فقال : إنما هو ددينار فقالت بل درهم قال : بل دينار فقالت : الحمد لله سقط منّا درهم فعوّضنا الله دينارا فخجل الحجاج وسكت ولم يرد جوابًا ثم دخل بها على عبد الملك بن مروان فتزوج بها0
أعلام النساء 5/256
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هي هند بنت النعمان بن بشير الأنصاري - رضي الله عنه – وكان روح بن زنباع الجذامي صاحب عبد الملك بن مروان قد تزوجها وكانت تكرهه ( ابن خلكان : وفيات الأعيان 3/95)
* جا : أصلها (جاء) وقد أسقطت الهمزة للوزن0
(2) كنت فبنت : أي كنت زوجة فأصبحت طالقاً
*المعرة : مدينة في سورية مركز قضاء معرة النعمان 0
*كلب ثقيف : إشارة إلى الحجاج [/align]
هذه اللي تستاهل ان تتزوجها وفعلا هذه الشقردية الحقيقية