سفانة !!
وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طيّ فريقا من جنده ، يقدمهم علي بن أبي طالب عليه السلام ،( ففزع عديّ بن حاتم الطائي ـ وكان من أشد الناس عداء لرسول الله ـ إلى الشام ) فصبحّ على القوم ، وأستاق خيلهم ونعمهم ورجالهم ونساءهم إلى رسول الله .
فلما عرض عليه الأسرى نهضت من بين القوم سفانة بنت حاتم ، فقالت :
يامحمد هلك الوالد ، وغاب الوافد ، فإن رأيت أن تخلي عني ، ولاتشمت بي أحياء العرب فإن أبي كان سيد قومه ، يفك العاني ، ويقتل الجاني ، ويحفظ الجار ، ويحمي الذمار ، ويفرج عن المكروب ، ويطعم الطعام ، ويفشي السلام ، ويحمل الكلّ ، ويعين على نوائب الدهر ، وما أتاه أحد في حاجة فردة خائبا ، أنا بنت حاتم الطائي !
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ياجارية ، هذه صفات المؤمنين حقا لو كان أبوك مسلما لترحمنا عليه خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق .
ثم قال: ( ارحموا عزيزا ذل ، وغنيا أفتقر ، وعالما ضاع بين جهال )).
وأمتن عليها بقومها فأطلقهم تكريما لها
فأستاذنته في الدعاء له ، فأذن لها وقال لأصحابه : اسمعوا وعوا . فقالت : أصاب الله ببرك مواقعه ولا جعل لك إلى لئيم حاجة ، ولا سلب نعمة عن كريم قوم إلا جعلك سببا في ردها عليه .
فلما أطلقها رجعت إلى أخيها عديّ وهو بدومة الجندل فقالت له : يا أخي إيت هذا الرجل قبل أن تعلقك حبائله ، فإني قد رأيت هديا ورأيا سيغلب أهل الغلمة ورأيت خصالا تعجبني . رأيته يحب الفقير ويفك الأسير ويرحم الصغير ويعرف قدر الكبير ومارأيت أجود ولا أكرم منه فإن يكن نبيا فللسابق فضله وإن يكن ملكا فلن تزال في عز ملكه . فقدم عديّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم ، وأسلمت سفانة .