" رحيل انثى "
وجدته قابعاً خلف مكتبه ..
مسندا رأسه على الكرسي ..وبدت خصلات من شعره مسترسلة على وجهه .. أبت إلا أن تقبل جبينه ..كل مافي مكتبه صامت ساكن ..أريكته المفضلة ..دفتر ذكرياته ..ألبوم صوره ..قلمه .. ساعته.. حتى صديقه البلبل صمت عن التغريد واكتفى بالنظر ..
كل هذه الأشياء صامتة .. ربما احترمت سكونه وهدوءه وقررت عدم ازعاجه ..
توجهت إليه يبدو شارد الذهن ..أصدرت حركة لجذب انتباهه ....لا يزال شارداً ..
لم يشعر بوجودي .. فضلت الجلوس على الأريكة المقابلة لمكتبه عله يشعر بوجودي مرت دقيقة ...دقيقتان...
لحظتها كنت أتأمل وجهه ...آه ..هذه الملامح الطفولية إنها تأسرني ...تحسسني بالأمان ...
يبدو أنه منهكاً ...مشغولا بصراع يحدث داخله ..أصبح شكله أكبر من عمره بسنوات ..
عيناه الذابلتان ..نظراته الحائرة ..نظراته ترقب اللانهاية ترقب اللاموجود ..
آه وضعه هكذا يؤلمني ..لكم وددت أن يبوح إلي ويشركني في حياته ...
عدت من حديثي إلى نفسي وأخذت أتأمله مجدداً...وحين أردت تنبيهه لوجودي ...
رأيته ....آه .. ليتني لم أر هذا المنظر ...رأيته دون قناع التمثيل رأيت ضعفه وانكساره ...
نعم رأيت عينيه تدمعان ...
أحس حرارة دموعه وأنا في مكاني ...
*صدرت كلاماتي عفوية صرخت : لما هذا العذاب ؟؟؟
* أنتي هنا ...؟؟!!!
* أخيراً تنبهت لوجودي ...
أخذ يكفكف دموعه ويواريها عني ...
* منذ متى وأنتي هنا..!!!
* لايهم منذ متى ..قل لي لــــمَ هذا العذاب ..؟؟
أطرق رأسه وسكت طويلاً...
نظر إلي وهو يجاهد دموعه حتى لا تسقط وينهار ..
قال بصوت خافت صوت يملؤه الحزن صوت قادم من بعيد ...
قال :اشتقت إليها ..
اشتقت إلى حبيبتي ..لقد رحلت دون أن تودعني ..
ثم تساءل : أهكذا هو الحب
ينتهي هكذا ..أجيبيني ..؟؟!!!
هل تريدين مساعدتي أجيبيني لما تُريد تعذيبي ..؟؟؟!!
ثم قال بصوت يسكن حروفه التوسل :
أرجوكِ ابحثي عنها ..
أبلغيها عن مدى شوقي لها وحنيني ..
ثم انفجر باكياً .......وانهمرت دموعه معلنة ً استسلامه
" لرحيلها الأبدي "
******************