بسم الله الرحمن الرحيم
إيها الزوج ... تغزل في زوجتك !
تحتاج المرأة في جميع أطوار سني عمرها المختلفة إلى لمسات حانية وكلمات عذبة
تلامس مشاعرها المرهفة وطبيعتها الأنثوية ! وبعض من تخلو بيوتهم من تلك
الإشراقات المتميزة يكون للشقاء فيها نصيب ، وقد تكون قنطرة يعبر عليها من أراد
الفساد إذا قل دين المرأة ونزع حياؤها وسقط عفافها ! وقد اطلعت على معلومات
أفجعتني وسمعت قصصاً أقضت مضجعي ! فإحداهن سقطت في الفخ لأنه قيل لها : "أنت
جميلة" ، وهي كلمة لم تسمعها مطلقاً! وأخرى زلت قدمها عندما رفع أحدهم صوته :
"أنت امرأة ذات ذوق رفيع ... " ، وآخريات صادتهن شباك الذئاب البشرية لجوع
عاطفي وفراغ نفسي لم يشبعه زوجها أو أبوها !
ولست أسوغ الفعل - ومعاذ الله ذلك - ولا يجوز للمرأة أن تتخذ هذا النقص فيمن
حولها ليكون سلماً إلى الحرام ! لكن السؤال موجه إلى البعض : لماذا لا نغلق تلك
الأبواب دون الذئاب المتربصة ونلبي حاجات من حولنا عاطفياً ونفسياً ؟
ولا يُظن أن هذا الأمر مقصور على النساء فحسب بل إن جزءاً كبيراً من انحراف
الأطفال والأحداث سببه نقص العاطفة لديهم ، إما بحرمان من عاطفة أم ، وإما من
حنان أب ، وإما من غير ذلك !
وبعض الفتيات كان طريق الغواية لديهن هو البحث عن العاطفة لدى شاب تسمع منه
عبارات الإطراء والإعجاب وكلمات الحب والصداقة !
ونعجب أن بناتنا معزولات عن آبائهن وأمهاتهن ، وليس لهن حق في المجالسة
والمحادثة والنقاش وإيراد الطرفة والتحدث بهمومهن وآمالهن! فسارعي أيتها الأم
وأجلسي ابنتك بجوارك وسابقيها في نزهتك ، واجعلي بعض وقتك لها ، وستجدين من
السعادة والمتعة ما لا تجدينه في أمور أخرى ! وأنت أيها الأب تلقف ابنتك بالحب
والحنان والعطف ولين النفس قبل أن يتلقفها غيرك ، أو أن تتزوج فلا تراها إلا كل
شهر دقائق معدودة ... والعجب من التماهل في هذ الأمر فلا نغلق هذه الطرق .
ولا نسارع في سد هذا النقص ، زوجاتنا يعشن في صحراء قاحلة لا يرين الابتسامة
ولا يسمعن كلمة المحبة! وبناتنا معزولات عن آبائهن وندر منهن من تسمع كلمات
الثناء على أناقتها وحسن اختيارها ! وأما صغارنا فقد حرموا من الهدية وتناسينا
أن المزاح معهم من سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم .
وفي دوحة الأسرة الصغيرة ضنت الألسن بكلمة جميلة وهمسة حلوة تذيب جليد
العلاقات الفاترة بين الزوجين خصوصاً ... وبينهم وبين أولادهم عموماً .
ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم له السهم الوافر وقصب السبق في تلمس الحاجات
العاطفية والرغبات البشرية ، فقد كانت سيرته مع زوجاته وبناته لا تخلو من حسن
تبعل وتدليل وممازحة وملاطفة وحسن إنصات .
فها هو عليه الصلاة والسلام إذا أتت فاطمة ابنته رضي الله عنها قام إليها
فأخذ بيدها فقبلها ، وأجلسها مجلسه . وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده
فقبلته وأجلسته في مجلسها وكان إذا رآها رحب بها وهش وقال : " مرحباً بابنتي" .
أما مع زوجاته عليه الصلاة والسلام فقد ضرب المثل الأعلى في مراعاتهن وتلمس
حاجاتهن ، بل هاهو عليه الصلاة والسلام يجيب عن سؤال عمرو بن العاص رضي الله
عنه ويُعلمه أن محبة الزوجة لا تخجل الرجل الناضج السوي . فقد سأل عمرو بن
العاص : أي الناس أحب إليك ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : "عائشة " .
وكان عليه الصلاة والسلام من حسن خلقه وطيب معشره ينادي أم المؤمنين بترخيم
اسمها ويخبرها خبراً تطير له القلوب والأفئدة ، قالت عائشة رضي الله عنها : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً : "ياعائش ، هذا جبريل يقرئك السلام "
وكان عليه الصلاة والسلام يتحين الفرص لإظهار المودة والمحبة ، تقول عائشة
رضي الله عنه : " إن النبي صلى الله عليه وسلم قبل امرأة من نسائه ثم خرج إلى
الصلاة ولم يتوضأ "
لكل رجل : راجع حساباتك وتفقد أمرك ، فالأمر مقدور والإصلاح يسير وفيه تأس
بالأخيار وحماية من المزالق وسد لهذه الثغرات المهمة في حياة كل نفس بشرية .
بقلم الشيخ / عبدالملك بن محمد القاسم