الصعلوك في اللغة : الفقير الذي لا يملك من المال ما يعينه على أعباء الحياة !!
ولم تقف هذه اللفظة في الجاهلية عند دلالتها اللغوية فقد أخذت تدل على من يتجردون للغارات وقطع الطرق !!
واشتهر في العصر الجاهلي : السليك بن السلكة ن وتأبط شراً ، والشنفري ، وعروة بن الورد العبسي !!
وكان الصعاليك شجعان ويمتلكون الصبر عند البأس وشدة المراس !!
وكان أكثر ما يميّزهم سرعة العدو حتى ليسمون بالعدائين وحتى لتضرب الأمثال بهم في شدة العدو !!
فيقال : أعدى من السليك ، وأعدى من الشنفري !!
وكان تأبط شراً إذا جاع لم تقم له قائمة ، فكان ينظر إلى الظباء ، فينتقي على نظره أسمنها ، ثم يجري خلفه ، فلا يفوته ، حتى يأخذه فيذبحه بسيفه ، ثم يشويه فيأكله !!
وكانوا يتغنون ي أشعارهم بمغامراتهم ويمتدحون بالكرم !!
ويعد عروة بن الورد العبسي ثائراً على الأغنياء ، واتخذ من صعلكته باباً من أبواب المروءة والتعاون الاجتماعي بينه وبين فقراء قبيلته وضعفائها !!
ومن طرافة أمر عروة بن الورد أنه كان لا يغير على كريم يبذل ماله للناس ، بل كان يتخيّر لغارته من عرفوا بالشح والبخل ومن لا يمدون يد العون للمحتاج في قبائلهم فلا يرعون ضعفاً ولا قرابةً ولا حقاً من حقوق أقوامهم !!
قال عبد الملك بن مروان في عروة بن الورد : من زعم أن حاتماً أسمح الناس فقد ظلم عروة بن الورد !!
وفي عصرنا الحالي اتخذت الصعلكة أنماطاً وأساليب كثيرة تجاوزت تلك الدلالة إلى معانٍ إنسانيةٍ جميلة !!
ولست لأذكر أسماءً ممن يتفنون في الصعلكة والتصعلك !!
رجل لا تكل يده من طرق أبواب التجار ، فهو على هذه الحال لا يسأم منها !!
يدخل على التاجر فيبدأ معه فن الصعلكة !!
يهوّل الأمور ويختلق القصص والأخبار كي يكسب مالاً لغيره !!
ذهب مرةً لرجل من رجال الأعمال وكان في باله النقود فرجع محمّلاً بالنقود وسيارة لأحد جماعات تحفيظ القرآن !!
صعلوك في إنسانيته وعطفه على غيره !!
وما كان لعروة بن الورد في العصر الجاهلي لا محالة سيكون له نصيب منه !!
وآخر في وظيفته الحكومية لا يهنأ له بال وقد رأى جموع المراجعين أمام مكاتب غيره !!
فيذهب إليهم كالمنقذ ويهب المساعدة !!
إنه عدو الروتين وصديق المعانين من وجع رأس الموظفين الكسالى !!
لقد تغيّر الصعاليك في هذا الزمن شكلاً وحرفةً ولكنهم ما زالوا يحسّون بمعاناة غيرهم ولا يترددون في تقديم يد المساعدة إلى الغير !!
كم نحن بحاجةٍ إلى صعاليك ينقذوننا من تعقيدات أصحاب هذا الزمن !!
زمن المقاصات ، والمصالح و( شد لي واقطع لك ) !!
تحياتي للجميع
التاج في 9/10/1424هـ