[align=center]
يا دموعًا ملَّت منها الخدود حتى اشتكت ؛ ما بالك لا ترأفين بحالي ؟ كلما جئت أعبر بحور السعادة تصدمني حواجزك فلا أقوى العوم في عُبابه , فجروحي منك اليوم عطيبة , أما كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا من آهات لا تعرف للرحمة طريقًا بعدُ ؟ !
يا بعد عمري أين أنتِ مني ؟ لقد سئمتْ الدماء بقاءً في أوردتها , فكأنها توعز إليَّ التوقف عن جريانها عما قريب , فما حيلتي حين لا أزال أنتظر منكِ حياة تعيد بها حياة من أوشك على النهاية بلا تردد ؟ فويل لتلك الأيام إن لم تعودي وتعطفي على قلبٍ أحبكِ ملء نفسه , وملء جوارحه , فما أبقيت لكِ في جسمي شيئًا إلا أخذ يناديكِ بصوت يقطعه الموت تلو الموت .
ليتكِ تجودين عليَّ بقرب منكِ يحميني , فما كنتِ قبلاً ترغبين في شيء كما ترغبين في قربي , فما الذي غيَّرك وبدلك عن حبٍّ كنت تكنينه في صدرك , وتبسم به شفاتك ؟ ! فأروح أهيم في سماعه منك , وأتوق إلى تكراره مرة بعد مرة , فليتني كنت بعيدًا عنكِ قبل أن أعرفك , وليتكِ ما مررت في طريق دنياي حتى لا أتعلق في جسدك .
مناي أنتِ فليت المنى يبقى وصلاً بيني وبينك , وليت الذكرى تحملني إلى روحك فأعانقها فلا أبرحها حتى تطمئن نفسي إلى نفسك , وترتاح العيون من سكبها الدموع في كل ليلة , فما يبقيني بعدك إلا لحد يحويني إن لم تحويني أنتِ , فليتك تعدينني بزيارة ثم اخلفي وعدك , فلربما طابت العلل من جور حبك , وتعلقت النفس بكِ ولو خيالاً .
عذاباتك أوجسها في كل ناحية من نواحي جسمي المعذَّب , فلقد أعطيتك الحب – كل الحب – وبادلتني بالصدِّ والهجران , وما كنت أحسبكِ إلا رفيقة بي حين علمتِ بحبي لكِ , أوَ تتركينني للهلاك بعد أن كنتِ بلسمًا لقلبي الكسير بلا لفتة حانية من عيونكِ ؟ !!
إنني هالك , فلا تمنين نفسك بالوصل لي , فما عدت أحفل بأوبة منك ِفقد تقرحت الجروح , فما عساكِ تفعلين بجسم معطَّل لم يهنأ بعد اليوم إلا بأوجاع حبكِ , وقسوة قلبكِ الشفيق بالأمس .[/align]