لقد كانت الدموع الجاريات تبتسم في عيوننا , وكانت البسمات الوارفات تملأ الرحب بهجة وسرورًا , أخاف عليها , وتخاف عليَّ , فما كان من خوفي عليها كان لي مثله منها , فكأن الحياة ضيف عابر , أو طيف خيال يهم بالرحيل , فكانت الدموع تصاحبها تلك البسمات , ضدان متلازمان , وهذا ما أظهر حسنهما حين اجتمعا , فالضد يُظهر حسنه الضدُّ .
كانت الدموع غير عصية من كلينا , وما كنت أحسب أنها تخبرنا بفراق قريب يعذِّبنا , إذ سيزول ذلك الحب ويجري هائمًا على وجهه كما تلك الدموع , حتى إذا مرت الأيام رحل كل منا في سبيله , ولم ترحل الذكرى بعدُ , فيا نفسُ رفقًا بنفسك فلا تعذبيها , ويا نفسُ دموعك عزيزة فاحفظيها .
وأي حفظ سيكون لغير رحيل حبيـبي الذي كان هنا .