تريدين مني أن أكون نفسي، ألا أضع رقيباً على عقلي وقلبي ولساني!
تريدين مني أن أنطلق..!
تريدين مني أن أقتل موظف الجمرك، وضابط الأمن، وجندي الاستخبارات الذين يقفون
على بوابة عقلي!
تريدين مني أن أغرد مثل العصفور العاشق الواقف على غصن شجرة الحديقة دون خوف
أو ترتيب!
تريدين مني أن أكون ذاتي الخالصة. بالله عليك، كيف؟!
كيف أنا أكون أنا، بينما كل شيء يحرمني من تلك النعمة الكبرى!
سيدتي.. الكلمة عندي مسئولية، الكلمة عندي التزام. وحيث أنني غير قادر على
الالتزام. أفضل الصمت القاتل!
قد تلمحين جنوني داخل عيوني! قد تلمحين حزني مختبئاً داخل محارة روحي.
قد تشعرين بحجم القهر الذي بداخلي وقد لا تشعرين، لكنني أشعر به لأنه بداخلي،
يلعنني، يقتلني كل مساء وصباح!
أحياناً تجديني في حالة صمت كاملة. وأحيانا تعتقدين أن هذا الصمت مبرره شيء
ما، بيني وبينك !
للأسف قد لا تدركين حجم الحوار الداخلي الذي يتصارع داخل حلبة نفسي!
أنت فقط تتصورين أنني (( سوبرمان)) عندي القدرة على تحقيق كل الأحلام، وكل
الوعود، وكل العهود، وكل الممكن، وكل المستحيل!
سيدتي.. أنا إنسان محدود القوة، محدد الإمكانيات.
سيدتي.. أنا من يسعى إلى أن يحقق حلماً يتجاوز ذاته. حلما يعرف مقدماً أنه
مستحيل!
السعادة الكاملة مستحيلة. الصفاء الكامل مستحيل. الحقيقة الدائمة وهم. التوهج
الأبدي سراب!
التجربة الإنسانية تخضع لترمومتر مستمر في الصعود والهبوط، ولا يوجد أي
اختراع سحري قادر على تجميد لحظة الصعود هذه إلى الأبد!.
من هنا أخاف أن يضيع مني ذلك الشيء الجميل أمام ذلك الشيء الذي يسمى الخوف!
نعم أنا أخاف. والخوف- عندي- شجاعة!
أخاف أن أفقدك، وهذا يعني أنني أبالي.. أنني حريص عليك. أنني أدرك قيمة ما
بيني وبينك.
من لا يخف على ما معه، يَضٍع منه. وأنا أخاف أن أضيع من نفسي فيضيع مني كل
شيء مني![]