في الرياضة كثيرا ما نسمع بلقاءات الديربي وهو التنافس القائم بين فريقين تجمعهما مدينة واحدة, هذا الديربي لقاء ينتظره الرياضيون منذ بدء الدوري سواءً جماهيريا أو صحافة, وعلى حسب أهمية هذه اللقاءات تفرد الصحف الكثير من الصفحات لهذه الديربيات, وهذه الظاهرة منتشرة في كل بلدان العالم.
ونحن في بلدنا لدينا العديد من هذه الديربيات, وتختلف قوة هذه اللقاءات حسب قوة الفريقين المتنافسين, فمناطق السعودية المتسعة, ولله الحمد, جعلت المحبين للرياضة يعيشون ويستمتعون بالعديد من هذه التحديات الرائعة, ويظل ديربي الرياض بين الهلال والنصر وديربي جدة بين الأهلي والاتحاد هما الأشهر والأقوى على مستوى البلاد بحكم شهرتهما الكبيرة على الصعيدين المحلي والخارجي أولا ثم امتلاكهما نخبة من النجوم التي ينتظرها عشاقها لتبدع في هذه اللقاءات خصوصا.
بين الهلال والنصر أو الأهلي والاتحاد تاريخ طويل يحكي قصة هذا التنافس الشريف الذي يبدأ مع بداية المباراة وينتهي مع إطلاق الحكم صافرة النهاية سواء كانت نهايتها بفوز أحدهما أو بانتهائها بالتعادل, وقد كان هذا التنافس هو من يمد الصحافة بالطاقة التي تعطي الكتاب آفاقا واسعة ومساحات أرحب للاستمتاع بالحديث عن هذه الفرق وإنجازاتها ونجومها الذين حفروا أسماءهم بمداد من ذهب في ذاكرة جماهيرهم، حيث كانت الصحافة تمثل الداعم الأول لهذه المباريات من حيث إعطاء الجماهير جرعات كبيرة من الحماس لحضور مثل هذه اللقاءات, فتنافس الكتاب حول هذه الديربيات لا يقل عن تنافس واستعدادات الفرق للظهور بمستوى مشرف أمام جماهيرهم أولا والإعلام ثانيا, بل إنه في كثير من الأحيان يكون للصحافة دور كبير في ظهور مثل هذه المباريات بشكل جميع وماتع، فالجماهير تحضر لتستمتع واللاعبون يحضرون ليبدأوا طريقهم نحو الشهرة والإبداع, ومن خلال هذا أصبحنا نرى في كل لقاء ولادة نجم جديد مما فتح لرياضتنا السعودية الطريق إلى الارتقاء ومقارعة أعتى الفرق، حيث أصبح لرياضتنا شأن كبير في البطولات سواء الخليجية أو العربية أو الآسيوية أو العالمية.
ومع تقدم الزمن ودخولنا عالم الاحتراف أو بالأصح عالم المادة بدأ الوضع يتغير شيئا فشيئا فمعالم المتعة أصبحت تختفي وتوقفت معها ولادة النجوم فتحولت الصحافة من كونها داعما كبيرا للرياضة إلى كونها أحد أهم الأسباب التي سرقت متعتنا وحرمت أعيننا من مشاهدة الإبداع الكروي وأصبحت مراكز للتعصب الأعمى يقف على هرمه كبار الكتاب الذين كنا نحسبهم يحملون عقولا أكبر من أن يؤثر فيها هذا المرض الخطير.
وظل هذا الداء يوما بعد يوم ينخر في جسد الصحف حتى ظهر ما يسمى بصحافة الأندية التي قسمت صحفنا فباتت كل صحيفة تميل إلى فريق معين دون آخر على حسب ميول رؤسائها وكبار كتابها أو بالأصح كبار متعصبيها الذين استطاعوا وبكل أسف أن ينقلوا منافساتنا الرياضية من ملاعبها العشبية إلى الملاعب الورقية ما جعلنا نخسر أنفسنا أولا ومن ثم نخسر رياضتنا التي شهدت تراجعا كبيرا في مستوياتهم حتى ولو كنا تأهلنا إلى كأس العالم بل تكاد تكون عقيمة لا تنجب نجوما ولا حتى أشباه النجوم.
فأصبحنا نبكي على أطلال نجومنا وبطولاتنا وإنجازاتنا التي لا يمكن أن نعيدها ما دمنا قد نقلنا تنافسنا الرياضي من مسطحه الأخير الممتع إلى مسطح الصحافة الأبيض.
ودمتم سالمين