الأفول
لازلت أذكر؛
تلك الليلة ،
لا تشبه أية ليلة
من ليالي الشتاء
الحزينة!!
خرجت اللؤلؤة من
المحارة،
إلى بارئها
كريمة ،
في تلك الليلة ، وككل
ليلة بعد الرحيل ،
الحزن يبكيه الحزن ،
ليس كأي حزن،
أمواج تهتز بشدة ،
ترقص كالطير
المذبوح ،
تندب بشدة،
وشيء لا أعرف
كنهه ، يتبعثر
يتقطّع ، يطحن
يسحق داخلي
بشدّة ،
ليس كأي
شيء..!!
تلك الليلة ،
استصرخت،
وتوسّلت
تلك اللؤلؤة في
النداء،
ترجوني الحضور !!
ككل شيء كان
خارج عن نطاق
المعتاد ، صراخها
نداؤها نور في
عتمتي ..!!
لم أعي وقتها ،
أنه النداء الأخير..
والبرد لا يشبه البرد
رياح مسعورة ،
والسماء تصعق ،
وتبرق
والموج يزبد،
والرعد يرتعد
ويندب ،
ليلتها الأخيرة..
لم تكن ليلة شتاء
حزينة عادية !!
خرجت اللؤلؤة من
المحارة ،
خرجت إلى بارئها
ثمينة،
وماتت أزهار حديقتها،
القرنفلة والجورية ،
والياسمينة..
مصاب ، هول ، خطب
ليس كأي الخطوب..!!
رحلت توأم الروح ،
رحلت ومعها كل
السرور..
من قال ماتت؟!!
مازلت اسمع الصوت
يرتجف رأفة علي:
الطقس بارد ؛ حبيبتي
تلفحي ؛
لم تتعجلي ، لا تذهبي
قبل الفطور ،
تمهلي ، ليس قبل
تقبيل الجفون ،
عودي حبيبتي باكرا ،لا
أقوى احتمال غياب
يطول..
لا ، لم تمت
ماذا أقول؟!!
طارت تلك اليمامة
وشمسها يمنّت صوب
الأفول..
صقيعي يلتهب ،
يشتعل
شوقا وحنين،
للدفء والحب والصدر
الحنون..
واليوم في ذكرى
رحيلها
ماذا أقول..
في عيدها الأخير،
كان هو النداء الأخير
وأنا من بعدها
وحشة تجتاحني ،
ضياع دروب ، وأنهل من
الآلام ، وسمائي تمطر
لظى ، تحرقني
وتغرقني ولا من بعدها
قلب يجير!!
وأنا تأخرت عن موعدها
الجميل ..!!
كل عام،
يأتي الربيع بلا عينيها
الربيعية الحضور ،
بلا حضور..!!
آه يا توأم الروح ،
يا أم اليتامى ، يا فيض
النور..
سأبكيك وأرثيك كل
العمر،
ودموعي دم ،
مازالت
في جوف الأضلع
لا تنضب ..
لذكراك
ينبض القلب فيه
حبور..
حبيبتي الصابرة
يا أمي الحنون ..
ليغفر لك المولى
ويشملك بواسع
رحمته،
الرحيم الغفور ،
إنّه الله سميع ،
مجيب الدعاء..
سيري إلى السكينة
ودار الخلود..