بينَ أيديكم خطابي الطويل فلا تملُّوه ، وجاهدوا حتى تكملُوه ! فقد عهدتم سطوري دائماً لذيذة ، فماذا إن كانت صادقةً ومفيدة ؟
دونكم حديثٌ يؤرقني ، بل أنهكني حبسه :
في الآونة الأخيرة بتنا نتأذّى كثيراً من التمادي في الموسيقى بالذات أثناء تصوير المقاطع في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي 💔..
و لذا يدور الحديث التالي بيني وبينكم :
أفرط الكثير - إلا من رحم ربي - في شأن الموسيقى ، ومازلتُ في كلّ مرة أقرأ قول الرسول ﷺ :
*{ ليكوننّ من أمتي أقوامٌ يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف }*
يقشعرّ بدني ، وترتجف جوارحي .
وليسَ حديثي عن هؤلاء فإني أرجو من الله أن لا تكون إحداكنّ منهم ..
إنما حديثي ونصحُي وجُل حبي لمن تتهاون 💔
التهاون أساس البلاء ، والدافع إلى السّوء ..
وأنا هنا أوعظ بثلاث ، لعلّ منها لسائر المعاصي ما ينفع ، و لبلاء الموسيقى بالذات يقطع :
1
*( إذا بليتم فاستتروا )*
إن التستر في المعصية يوجبُ الامتناع عنها ، لأن المجاهرة تولّد قساوة القلب ، والذي يتستر من النّاس في معصيته أقرب للتوبة من تلك المعصية لأنه ما زال في كنفِ الله وستره سبحانه ، بينما المجاهر من أعلمَ هذا وذاك بمعصيته يثقل عليه تركها لأنه تجاوز بمعصيته ستر الله إلى علمِ الناس ، والله جلّ جلالهُ ستيرٌ رحيم ، حليمٌ بعباده يعفو عن السيئات ويقبل التوبة بل يفرحُ بها في كلِ حين .
بينما الناس وما أدراك ما الناس !! فقد جبِلوا على تتبع الزلات ، ومراقبة الهفوات ، وعلى التلامزِ والشمات فكيفَ تفرُّ منهم إن عزمت على الرجوع ، ونويت التوبة !?
فما يزالون يصدونك بعلمهم عن معصيتك حتى تُبليّ بغيرها ومن غيرها إلى أكثر منها ..
نسأل الله العفو والسلامة منهم ومن المعاصي .
2
*( لا تجعلي الله أهون الناظرين إليك )*
من منا لا تعرف هذه الموعظة ، أو لم تمرّ عليها من قبل ؟
لا تنظري لحجم الموسيقى في المقطع ، ولا لقصرها في منشورك ، أو تلاشيها بين الأصوات أو الكلمات ..
ليكن في بالك دائماً أنه الله السّميع ، يسمع دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على حجرةٍ صماء سبحانه !
استشعري دائماً نظر الله العظيم لكِ ، الذي أسبغك بالنعم ، وجاد عليكِ بأفضال قدّ يشقُّ عليك عدها !
أولها سمعك وإصبعك ،، وآخرها ما لا ينتهي به عدّك ..
أوَ تبارين الله في عظمته ؟
أوَ تبارزينه في ملكوته وما أنعم به عليك ؟
أخيراً /
* ( إن الله تعالى يغار ) *
الله سبحانه وتعالى غنيُّ كل الغنى عن انقيادك له بالطاعة ، لكنهُ أكرمك بالإيمان ، وهوَ على المؤمن يغار .
قال الرسول ﷺ :
( إن الله يغار ، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه )
فهل استشعرتي غيرة الله الملك القدوس سبحانه عند معصيتك ؟
وهل الموسيقى أصلاً تستحقُّ منك كل ذلك ؟؟
وهناك ما عجزتُ عنه فهما ، ولهُ تجاوزاً :
الموسيقى التي تتزامن مع موائد الطعام وأطباق الحلوى وأكواب القهوة ، بل حتى مع ضحكات الأصدقاء وتواجد العائلة ؟ ما الذي يخصّ الموسيقى هنا بالذات على رأسِ النعم ، ما جدواها مع هذه العطايا والمنح ، إلا محْق البركة ودنوّ زوال النعمة ، نسأل الله السلامة !!
الأشرّ من ذلك ، عندما تُزاحم الموسيقى مقاطع التفكر والتأمّل ، كمناظر الغيوم وتساقط الأمطار وتلوّن الغروب ، وبدائع صنع الله .. ما مغزاها ؟
إلا إنها لتفسدُ حلاوة التأمل والتدبّر كما يُفسد الخلّ حلاوة العسل ..
وفي خاتمة حديثي ،
كوني على تمام اليقين في سائر ما تصورين أو تنشرين :
لا تزيدُ الموسيقى مقطعكُ بهاءً ، بل تُنقصه !
طهّر الله فؤادك ، ونقّى مسمعك ،
وجاركِ مما يغارُ ويكره ♥
نفّس الله عمَّن قرأ *كلُّ* ما سبق ، كما نفّستُ عن نفسي بهذا القلم !
- هيفاء عبدالله ❀
15.رجب.1443هـ