موضوع تعليمي (للتجربة)

[ابوسعد]

ترددت كثيراً في طرح المواضيع التي تعلم اللغة العربية ،وذلك لعدم اهتمام المنتديات بها
ومع ذلك عزمت على طرح هذا الموضوع التعليمي لعلم البديع من علوم البلاغة العربية ،وقد ترددت
كثيراً في أي منتدى أضع هذا الموضوع ،وهدفي هو أن يعرف العرب أسرار اللغة العربية والتى
حباها الله بتخيصها لغةً للقرآن الكريم وأهدف أيضاً معرفة قبول هذه المواضيع التعليمية في المنتديات
لأواصل طرح هذه المواضيع إن كانت النتيجة إيجابية وعدم طرحها إن كانت النتائج سلبية،وأنتم أيها القراء
تحددون هذه النتيجة...ودمتم

البديع /من علوم البلاغة العربية

تعريف علم البديع وأقسامه
(هو العلم الذي يعرف به طرق تحسين الكلام)
وينقسم تحسين الكلام في علم البديع إلى قسمين:
1- تحسين لفظي:وهو ما كان التحسين فيه معتمداً على اللفظ كالجناس والسجع.
2-تحسين معنوي: وهو ما كان التحسين فيه معتمداً على المعنى كالطباق والمقابلة والتورية.

تقسيم توضيحي يبين موضوعات علم البديع

علم البديع
(طرق تحسين الكلام)



التحسين المعنوي: التحسين اللفظي:


1-الطباق 2-المقابلة 3-التورية 1-السجع 2-الجناس


من فنون البديع
1- السجع

السجع : هو اتفاق أواخر الجمل في الحروف.
الأمثلة:
قال الرسول(ص) ”إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ومنعاً وهات ووأد البنات وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال“
- قال أحمد شوقي في وصف الصوم: ” الصوم حرمان مشروع وتأديب للجوع وخشوع لله وخضوع يستثير الشفقة ويحض على الصدقة ويكسر الكبر ويعلم الصبر“

الشرح
حين تلقي نظرة على النصوص السابقة تلحظ ظاهرة مشتركة وهي أن بعض عباراتها تتشابه في الحروف التي تنتهي بها.
ففي حديث الرسول (ص) نجد التشابه في قوله:“الأمهات، وهات،البنات“ في الانتهاء بحرف التاء.
وفي قول أحمد شوقي في وصف الصوم نجد التشابه في: “مشروع،بالجوع“بالانتهاء بحرف العين و“الشفقة.الصدقة“ بالانتهاء بحرف القاف ثم التاء المربوطة و“الكبر،الصبر“ بالانتهاء بحرف الراء.
وهذا النوع من التشابه في الحرف الأخير من الجمل يضفي على الكلام إيقاعا صوتياً عذباً يلذ له السمع وهذا ما يسمى بالسجع.

ملحوظة مهمة

بقي أن نعلم أن من العلماء من كره إطلاق السجع على ما جاء في القرآن الكريم كمثل قوله تعالى((يا أيها المدثر..قم فأنذر.. وربك فكبر ..وثيابك فطهر))فلا يطلق عليه سجعاً تأدباً مع القرآن الكريم
وإنما يطلق عليه فواصل اعتمادا على قوله تعالى: ((كتب فصلّــت آياته))
.
2- الجناس

الجناس هو تماثل اللفظين أو تشابههما في النطق واختلافهما في المعنى.

أقسام الجناس:
1- الجناس التام:وهو ماتماثلت الكلمتان في أربعة أمور:
أ- نوع الحروف. ب- الحركات. ج- العدد. د- الترتيب.
2- الجناس الناقص:ماتشابهت فيه الكلمتان وكان الاختلاف في واحد من الأمور الأربعة السابقة.

أمثلة على الجناس
(1)
-قال تعالىيكاد سنا برقه يذهب بالأبصار..يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار)
-قال الفضل بن سهللايصلح للصدر إلا واسع الصدر)
(2)
-قال تعالى(وجوه يومئذ ناضرة.. إلى ربها ناظرة)
-قال أبو العلاء المعري:
والحسن يظهر في شيئين رونقه بيت من الشِّعر أو بيت من الشَّعر
-قالت الخنساء ترثي أخاها صخراً:
إن البـــكاء هــو الشـفـا ء مـن الجـوى بيـن الجـوانـح
-قال عبد الله بن أبي رواحة في مدح الرسول:
تحـمله الـناقة الأدماء مــــــعتجراً بالبرد كالـبدر جلّـى نـوره الظلماء

الشرح

تأمل المجموعة 1 تلحظ أن كل مثال فيها وردت فيه كلمتان متماثلتان في اللفظ فقط أما المعنى فتلاحظ أنه يختلف ،فجاءت كلمة الأبصار في الآية مرتين وتعني في الأولى جمع بصر وهو النظر ، أما الأبصار الثانية فهي بمعنى العقول أي ذوو العقول.
ونجد في قول ابن سهل كلمتين اتفقتا في اللفظ واختلفتا في المعنى فالصدر الأولى تعني تصدر الشيْ والصدر الثانية تعني الرجل الحليم واسع الصدر.
إذن نلاحظ أن الكلمات في المجموعة الأولى اتفقت في أربعة أشياء(نوع الحروف،عددها ،ترتيبها،الحركات) وهذا مانسميه بالجناس التام.
وتأمل المجموعة 2 أن كل مثال وردت فيه كلمتان متشابهتان لكنهما ليستا متفقان تماماً كما هو الحال في المجموعة 1.
ففي الآية جاءت (ناضرة،ناظرة) مختلفتين في نوع الحروف فالحرف الثالث في الأولى ض وفي الثانية ظ واختلف المعنى ففي الأولى جميلة والثانية أي مبصرة.
وفي بيت أبي العلاء المعري نجد(الشِّعر، السَّعر) مختلفتين أيضاً والاختلاف في الحركات ومعنى كل واحدة منها معروف .
وفي بيت الخنساء نجد(الجوى ، الجوانح) مختلفتين في عدد الحروف حيث زادت الكلمة الثانية على الأولى في حرفي النون والحاء .
وفي بيت عبدالله بن رواحة نجد (البدر ،البرد)مختلفتين في ترتيب الحروف ففي الأولى تقدمت الدال على الراء وفي الثانية العكس.
إذن إذا وقع الاختلاف بين الكلمتين في أحد أربعة أمور
1- نوع الحروف
2- عددها
3- الحركات
4- الترتيب
يسمى الجناس الناقص.

3- الطباق والمقابلة

الطباق:هو الجمع بين معنيين متضادين ،وهو نوعان:
1- طباق الإيجاب: وهو المجيء بالكلمة وضدها.
2- طباق السلب: وهو ماكان التضاد فيه معتمداً على الإثبات والنفي.
المقابلة:هي ذكر لفظين أو أكثر ثم ذكر مايضادها على الترتيب.
أمثلة الطباق والمقابلة
1
-قال تعالىومايستوي الأعمى والبصير..ولا الظلمات ولا النور..ولا الظل ولا الحرور)آية 19، 20، 21 من سورة فاطر
-قال أحمد شوقي:
وأعطى المال والهمم العوالي ولم يعط الكرامة والإباء
2
-قال أبو جعفر المنصور:لاتخرجوا من عز الطاعة إلى ذل المعصية.
-قال أبو فراس الحمداني:
أيضحك مأسورٌ وتبكي طليقةٌ ويسكت محزونٌ ويندب سالٍ

الشرح
تأمل الأمثلة في المجموعة 1 تلحظ مجيء الكلمة وضدها ،ففي الآية الكريمة تجد كلمة الأعمى وضدها البصير ، والظلمات وضدها النور ، والظل وضده الحرور ،فكل كلمة جاء بعدها مايضادها وهذا ما نسميه بالطباق.
وفي قول أحمد شوقي نلحظ أعطى و لم يعط ،والكلمتان أعطى ويعطي ليس بينهما تضاد في ذاتهما ولكن التضاد حصل في دخول النفي على (يعطي) فيكون التضاد هنا بالمعنى لأن لم يعط بمعنى بخل أو منع فكأنه طباق بين(أعطى،منع) لدخول إحدى أدوات النفي على الكلمة التي تلت الكلمة المثبته وهذا ما نسميه بطباق السلب.
والتضاد بين كلمات الآيات الكريمة حاصل من الكلمات نفسها دون الحاجة إلى أدوات النفي وهذا ما نسميه بطباق الإيجاب.
وإذا تأملت أمثلة المجموعة الثانية وجدت تضاداً واقعاً بين كلمتين ثم مايضادهما كما في قول المنصور عز الطاعة ، ذل المعصية فـ(عز) يضادها(ذل) و(الطاعة) يضادها (المعصية) وهذا ما نسميه بالمقابلة.
وفي قول أبي فراس تضاد بين ضحك المأسور ، بكاء الطليقة ...و سكوت المحزون ، ندب السالي.
والطباق والمقابلة لهما الأثر في وضوح المعنى وتثبيته في ذهن التلقي.

4- التورية
التورية :ذكر لفظ له معنيان:أحدهما قريب،والآخر بعيد والمراد المعنى البعيد.
الأمثلة:
-رأى رجل رؤيا فقال لصديقه سأقصها عليك!
فقال الصديق:إن المنام طائر إذا قصصته وقع.
- قال حافظ إبراهيم :
يقولون إن الشوق نارٌ ولوعـــــــةٌ فما بال شوقي أصبح اليوم باردا
قال بدر الدين الذهبي:
يا عاذلـــــي فيه قل لي إذا بدا كيف أسلــو
يــــــمر بي كـل وقت وكــلما مــرّ يخــلو

الشرح

إذا قرأت كلمة(قصصته) في المثال الأول فإنك ستتردد بين معنيين الأول بمعنى :حكيته أو أخبرت به ويعين على هذا كلمة (المنام) والمقدمة التي سبقت هذه العبارة فيكون القص للرؤيا والمعنى الآخر هو(القص) أي القطع والذي يعين على فهم هذا المعنى كلمة(طائر)،لأن الطائر إذا قصصت جناحه سقط.
أما كلمة (وقع) فهي صالحة للمعنيين معاً فتكون على المعنى الأول: حصلت الرؤيا وعلى المعنى الآخر :سقط الطائر.
فحمل الكلمة على معنيين يسمى عند الدارسين التورية لأن معنى ورّي في اللغة أي أُخفي فكأن أحد المعنيين يخفي الآخر.
وإذا عدت لقراءة العبارة بعد ذلك عرفت أن مراد المتكلم أحد هذين المعنيين وهو حكاية الرؤيا .
تأمل الشكل التالي لتعرف كيف تكون الرؤيا.


1- المعنى الأول: حكيت الرؤيا،والقرينة الدالة علية(المنام)
لفظ التورية(قصصته)
2-المعنى الثاني:قطعت الجناح،والقرينة الدالة عليه(الطائر)


وفي المثال الثاني نجد كلمة(شوقي) قد تقدمها عبارة(الشوق نار ولوعة) فينصرف الذهن إلى معنى الاشتياق ولكننا حين نعلم مناسبة البيت وهي مداعبة الشاعر أحمد شوقي نفهم معنى آخر هو اسم الشاعر أحمد شوقي وكلمة بارداً تصلح للمعنيين معاً فعلى معنى الاشتياق يكون لفظ(بارد) دالاً على أن الشاعر يشكو برودة اشتياقه وأما على معنى أن اللمراد اسم الشاعر فإن كلمة (بارداً) تنصرف إلى وصف أحمد شوقي بالبرود ،وحين تتأمل المعنيين تجد أن المعنى الثاني هو المراد لأنه حينئذ يحقق المداعبة التي أرادها الشاعر .
1- المعنى الأول:الاشتياق،والقرينة الدالة عليها (نار ولوعة)
لفظ التورية(شوقي)
2-المعنى الآخر:اسم الشاعر أحمد شوقي ،والقرينة الدالة
عليها مناسبة النص وهي مداعبة الشاعر.

وفي المثال الثالث نقرأ قول بدر الدين الذهبي ونقف على كلمة (مرّ) فنجد أنها تحتمل معنيين الأول:من المرارة ضد الحلاوة،ودل على هذا المعنى كلمة(يحلو) ،والمنى الثاني:من المرور وهو العبور ودل على هذا المعنى(يمر بي كل وقت) وهو العنى الذي يريده الشاعر.أخيراً نقول أن استعمال الكلمة على معنيين من البراعة التي تميز بها بعض الشعراء والتي تميز بها شعراؤنا العرب عن غيرهم .