في غيهبٍ من الليل، حين كنتُ في غابةِ الأرق، موجِّهاً رمحي صوب النوم الآبق .. زارني خيالُكِ .. نفضتُ عن عيْنَيَّ غُبارَ الوَسن، وهرعتُ إلى حظيرةِ أشجاني، فجئتُ بشعرٍ حَنِيذ !
قدَّمتُه إليه، وقلت : هَلُمَّ يا خيال !
لكنَّ الخيالَ أعرَض، وبجانبِه نأى !
لم ألحَّ عليه، أو أطلُبَ منه تفسيراً؛ بل عَجِلتُ إلى شبَّاكِ الحظيرة، وخُضتُ معركةً مع الطيور، وعُدتُ إلى خيالِ حِبـِّي بأشعارٍ مقليَّة .. يا خيالُ أقبل !
أبى الخيال !
قلتُ - في نفسي - ( المسلوقَ ) يريد !
انحدرتُ إلى مطبخي، سلقتُ « الشّعور »، فقدَّمتُه .. يا خيال كُل !
تأبّى الخيال !
جزعتُ ! فمأدبتي لم تظفر بالقبول، ولم أظفر – أنا – برضا النَّفس .. ومع ذاك وذا لم أقنط ..
انحدرتُ إلى بُستاني، لدغتني عقربٌ في الطريق، ضغتُ على السمِّ كي لا ينتشر .. واصلتُ المسير، مددتُ يدي إلى الفاكهة عضتْني العنكبوتُ الجائرة .. حبستُ آهتي .. مصصتُ يدي .. أخذتُ سلَّتي، ملأتُها بأصنافٍ من طيِّب الفاكهة .. عدتُ إلى مطبخي وأعددتُ أشهى حلوى .. نثرتُ اللوزَ على سطحها، وزينتُها بالفاكهة .. انطلقتُ ونفسي طامعة بألا تردَّ هذه المرَّة .. خذ يا خيالَ حِبـِّي، وأنس نفسي !
أبى الخيال !!
هِمتُ في غيابة الجزع، تملَّكني الأسى .. رفعتُ عقيرتي : « يا خيالُ مـاذ ...» قطعتْ صوتي عصافيرُ الصباح ..
قلَّبتُ مقلَتيَّ ، فلم أجد الخيال ..!
فتحتُ النافذة، فإذا الخيال محمولاً على الأجنحة ..!
خَيالُكِ .. يا أنتِ، أقضَّ مضجَعي ! .
هكذا تُقضى ليالي العاشقين ! .