وأتذكر منها جسم ممتلئي ومترهل بانحناءة بسيطة للأمام ووجه يبدو حازماً خفف من حدته خصلات حمراء تمردت علي الطرحة السوداء وظهرت في مقدمة الجبهة وعلى السالفين إلا أنها لم تفلح في إخفاء ضخامة الأنف وهو أول ما يصافح المشاهد في وجه(أمي هيله).....وهي أكثر من حظي بالألقاب في العائلة...منها (المدير العام)،(وزارة الداخلية)،(المرأة الحديدية).......
ومرد هذه الألقاب جميعاً.. قوة شخصيتها وفرض طاعتها على الجميع وكانت كلمتها فصل في اغلب الأمور خصوصا الحر يميه منها ....
يلي أمي هيله أبي ( سليمان) أو( أبو صالح ) وهو مثال للأب التقليدي في كثير من الأمور واشتهر بالمنطقة بصدقه وإخلاصه في البيع والشراء وبره الشديد بوالدته -أمي هيله- يميل للقصر والسمنة مع سمار بيئي شديد
أمي معتدلة القامة مدورة الوجه مليحة الطلعة تفرق شعرها في المنتصف فيبدو لامعاً بفعل الدهن، تقاطيعها متناسقة مع بروز في ذقنها للأمام ........
عمي (صالح) ذو روح مرحه ويحمل شقاوة طفل إلا انه شخصيه هشة لا تترك أثرا وحالما استقل ببيت بمفرده حتى بدأت تتلاشى صلتنا به .. يكره المشاكل ويحب البعد عنها , على العكس تماما من زوجته لطيفة البراهيم التي تعشق الردح والمناكفة،وابرز مايميزها طولها الفارع الذي تزهو به دوماً وكثيرا ماتردد ( الطول عز والقصر حبة رز) فكنت أثور غالباً لهذه الاهانه الناعمة الموجهة لامي إلا أن أمي كانت من ألحكمه أن تتجاهلها وللحق كان طول لطيفه زوجة عمي جميلاً حتى أنجبت الابن الخامس فأخذت تتضح مساوئ الطول الفارع عندما يتحد مع كتل من اللحم الزائد فيصبح المنظر مهولا ويليق بمصارع أكثر من كونه لائقاً بأنثى ، وكانت منى دائما ماتقول
· عندما تمشي لطيفة البراهيم كأني أشوف بعير (العبد الكريم)
حتى غلب اللقب فيما بيننا وأصبحت كلمة (بعير العبد الكريم) تعني( لطيفة البراهيم)
( نوره) بكر أمي جمعت قوة شخصية أبي مع تضحية أمي وحنانها وتنتسب في جينات الشكل لامي هيله وكانت أثيره لديها ..وهي الأم الحقيقية لي ولمنى والأم الثانية للجميع ودائما ماتتدخل لإقناع أمي هيله التي برضاها تفتح اغلب الأبواب .....مرد ذلك نشاطها العجيب في البيت دون ملل أو تذمر مع ابتسامه مشرقه دائما.. تتحمل أعباء كثيرة حتى لا تحدث مشاكل بين أمي وزوجة عمي صالح ..حاضرة الذهن فيما يخص كل فرد من أفراد الاسره بالغة الاهتمام بأدق تفاصيل حياتنا وكأن الغرض من وجودها إسعاد من حولها حكيمة,ذكيه,ولم تكن تخلو من الظرف ...
أما هيله فكانت ظلها المتحرك مستكينة وتابعه ، حبا وضعفا ..حبا تشترك فيه مع الجميع وضعفا في شخصيتها ربما بسبب حول في عينيها مع انعدام التناسق في جسدها حيث يشكل الجزء الأعلى الربع والجزء الأسفل الثلاثة اربعاع فأصبحت كشكل ألجبنه المثلثة.. تتحلى بسمار شديد وملامح متنافرة أسميتها ومنى " السلحفاة" لبطء استجابتها وتجمد مشاعرها ....وربما لم تكن كذلك ولكن لم يكن يظهر على السطح أي ردود أفعال ...وبدت ونورة ثنائي منسجم. وملتصق لا يحدث بينهما أي صراع أو مشادة كالذي يحدث بيني وبين منى.. حيث كانت نوره وزارة تنفيذ وتخطيط وهيله للتنفيذ فقط ، فعندما تلاحظ هيله حدث مزعج او سلوك خاطئ تهرع لتخبر نوره وهنا تنتهي مسؤوليتها وعلى نوره تدبر الأمر ........
(صالح) شديد الشبه بأبي معتدل القامة يميل للسمنة سماره يقترب من السواد كث اللحية عظيم الكرش تمتلئ قدميه بالشقوق، وبالأنامل تستطيع ألكتابه فوق ذراعيه من الجفاف , بسيط التفكير سريع الانفعال سليم النية متدين متعصب وصاحب عقيدة صلبة......
يلي صالح أنا ... وانأ التي أتذكرها نقلا عن المرآة ألكبيره (التسريحة) في غرفة لطيفة البراهيم... كانت لفتاة نحيله ودقيقة الملامح بلون بشره يميل للصفار وشعر بني محروق يقترب من حد السواد ودائما ماذكر لي أن عيناي جميلتان ......
أما نصفي الأخر منى فقد كان كل مافيها معتدل، عينان لوزيتان وانف متوسط الطول وفم دقيق وبشره ناعمة قياسا لبنت ( مزرعة) لولا نمش في اعلي خدها الأيسر عالجته فيما بعد بالليزر ............
ثم فهد وعبد الله وتركي الثلاثي ( الفرج ) ومرد ذلك ماكنت اسمعه في صغري من نساء كثيرات منهن أمي وأمي هيلة( الله قادر والدعاء مخ ألعباده) ثم تمثل القائلة.. ( موضي العبد الله)- والتي هي أمي جابت أربع بنات مابينهن إلا وليد ثم جابت ثلاثة أعيال علي ساق ....يلي ذالك تسبيح وكلمات من قبل الله قادر........
بداية...
كان مدلول هذه ألكلمه من معنى يفضي إلي تأثر عميق وتأصيل للإيمان بعدل الله وقدرة الدعاء ,, مع مرور الوقت وظهور الفوارق العنصرية في التعامل بين البنت والولد بدأ التذمر ينتابني ومنى....ساعد في ذلك نمو العقل وتطور ( الأنا) وتكرار هذه ألكلمه حد الإبتذال، وتماشيا مع هذا التطور.. تحور المعني وانقلب اللفظ رمزاً للتندر والسخرية "" فكنت أقول ومنى عبارات من مثل
· الفرج ماراحو يصلون
· نحط الفطور للفرج
· وغالبا ًما ترد أمي
· بكرى يجيكن أعيال وتعرفن قدر الولد
وأحيانا تزيد أمي هيله
· أخوك كحل عينك عن العمى
فنتشاجر أنا ومنى
· ترى أنا أبي كحل عيني فهد
· اجل أنا اباخذ تركي مسكره
ومحل الشجار فيصل كلن منا تريد ضمه لزينتها
كانت أمي ونوره وهيله يضحكن أما أمي هيله فلم تكن تروق لها سخريتنا كثير....
ولا زلت أتذكر مشاعر الغيظ التي تنتابني وانأ اسمع أمي وهي تغني لتركي أرجوزة شعبيه تقول كلماتها
· يعل من أبغضك مات .......
· ولا يقرى التحيات........
· عسى نسله أبنيات..........
· ولا جاه الولد مات........
· قرنت هذه الارجوزه بالدعاء على الشخص المبغض.. بالكفر والموت وإنجاب البنات ؟؟؟؟......
.................................................. ....
مع العلم أن غضبي لم يكن ثوريا أو عدوانيا بل كان تندر مر من واقع مضحك و مبكي في نفس الوقت لأمر مفروغ منه ويجب تقبله ...........