رائــحــةُ الــشــمــس
هذه قصة قصيرة رائعة جدا للقاص المصري محمد المخزنجي ... أتمنى أن تعجبكم :
ما نحن ـ الرجال ـ إلا أبناء أمهاتنا . مهما كبرنا أو استطلنا تظل أمهاتنا حاملات أسرار لمعجزات نظل نرتجيها . و لقد كانت معجزة أمي أنها كانت تخبئ بعضا من الشمس في ثيابنا المغسولة . سأظل أتذكر أنها كانت تجمع الغسيل بعد جفافه عندما تبدأ الشمس رحلة هبوطها بعد العصر ، وعلى الكنبة التي بركن الصالة ترتفع كومة الثياب النظيفة . و في هذه الكومة كنت ألقي بنفسي لأغرق في رائحة الشمس ، فلقد كانت الثياب النظيفة تلك تمنح أنفاسي رائحة لم تكن في وعيي غير رائحة الشمس .
راحت كومة الثياب عن كنبة الصالة . غابت إلى الأبد . و كبرت أنا إلى حد أنه حتى لو ظلت الكومة ما كنت أستطيع أن ألقي بنفسي فيها . و كل ما أستطيعه الآن هو أن أوصي زوجتي بألا تجمع الغسيل المنشور إلا بعد العصر ، و بزعم أنني أساعدها في جمع الغسيل ، ألتقط قطعة منه و أغرق وجهي فيها .
تضحك زوجتي قائلة : ( كف عن الوسوسة ) تحسبني أتشمم الغسيل لأتيقن من نظافته ، فهي لا تعرف أنني أبحث عن معجزة من كانت تخبئ بعضا من الشمس في ثيابنا ......... أَبـحـثُ عـن عـطـر أمـي .