عندما بكت الشمس على شاطئ المغيب .. في سمفونية الوداع المعتاد .. كان ثمة شعور للأرق الليلي يغزو حنايا ذاك الملقى على شاطئ البحر !!.
إذ تضاربت أمواج الأسى في أعماق أعماقه .. تنتشله من الواقع إلى أراضي الخيال .. وتعيده إلى واقعه بنفس الموجة .. وبنفس السرعة !..
وبنفس الوقت لم يكن في حيثيات الأيام التي مزقها الانتظار .. ثمة فرح يرتقب احتضانه .. بل لم يكن ثمة أمل يرتسم عليه إشراقة شمس !.
لذا كان كل شيء أقل من درجة العادية .. كان كل شيء أمامه لا يوحي له بالإشراق .. ولا حتى جزء منه ..
هذه التي تميل بقرصها للمغيب .. تمارس اليوم ما مارسته بالأمس !! .
وهذه الشواطئ التي جاء ليرمي لها همومه .. لتبعده عنه، هذه الشواطئ تحتضن نفس الأمواج التي أرهقتها بالأمس .. أيضاً!! .
والسماء .. هي السماء .. والنسيم .. كما هو لم يأت بخبر جديد !!.
ونفس تلك الوجوه التي يتصفحها على جنبات الشاطئ .. قد تصفح أغلبها أمس .. والبقية في اليوم الذي قبله !!.
إذاً .. ثمة قلق من هذا الروتين الذي يضرب أطنابه في دواخل من يرفضه! (اليوم .. تماماً مثل الأمس) .. رددها هذا .. الذي طال انتظاره !!.
ونفس الروتين والاعتيادية والتكرار .. تتجدد !!.
لذا قال .. ـ نفسه هو ـ: (غدا .. مثل اليوم) .. ما هذا الملل وهذا القلق؟
عندها .. نهض هذا الذي يحلم بالإشراق .. في لحظات المغيب من مكانه .. حاملا جروحه وآلامه في دواخله .. بعد أن لملم أوراقه .. وأغلق قلمه، مختفيا وسط الجموع التي أيضاً اختفى وسطها بالأمس!!.