[poem=font="Simplified Arabic,4,red,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/16.gif" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
مَنْ يُنْصِفُ الأُنْثَى؟
(نداءٌ مِنْ امرأةٍ)
شعر: عبد الرحمن صالح العشماوي
سَلَبَ الرِّجِالُ سَعَادتِي وصَفَائِي = وتَلاعَبُوا بأنوثَتِي وحَيَائِي
رَكبُوا بي السُّفُنَ التي ما أبحرتْ =إلاَّ على مَوجٍ مِنْ الأَهواءِ
حتى إذا لَعِبَ المُحِيطُ بها رَمُوا =للحوتِ مَعنى عِزّتِي وإِبَائِي
سَرَقَ الرِّجِالُ المدَّعُونَ حَقَائِبِي =لَمَّا رَكبتُ سَفِينةَ الإغواءِِ
لا تَسْألُونِي كيف صِرْتُ غَرِيبةً =لَمَّا بلَغتُ شَوَاطِئَ الغُرَبَاءِ
لمَّا دَعَونِي للنزولِ، يَلِفُّني =خَوفِي، وتَلْطمُنِي يَدُ الظَّلْمَاءِ
ضَرَبوا بِيَ الأرضَ الوَبِيءَ تُرَابُها =واستَنْزَلُونِي من شمُوخِ سَمَائِي
في حِينَها أَبْصَرْتُ وَجْهَ تَعَاسَتِي = وَيَداً مدنَّسةً تُزِيحُ غِطَائِي
وسَمِعتُ في الآفَاقِ جَلْجَلَةَ الأَسَى =وصَدَى نُعَابٍ مُزْعجٍ وعُواء
(هيَّا انْزِلِي)، مَا أَغْرَبَ الصَّوتَ الذي =مَلأ المَسَامِعَ مِنْه شَرُّ نِدَاءِ
مَاذَا أرَى؟ ذئبُ اَلتَِّحَامُلِ مُقْبِلٌ =نحْوِي، وثُعْبَانُ الخِدَاعِ وَرَائِي
أينَ الدُّعاةُ إلى حقوقِي، مَا بِهم =لمْ يَظْهَرُوا في الليلةِ اللَّيْلاءِ؟!
أين الذين بَنوا قصُورَ وُعُودِهم =بتَطوُّرِي، وتَحرُّرِي، وهنائي؟!
كَيفَ اخْتَفُوا، وهمْ الذينَ استَثْمَرُوا =بشِمُوعِهم، حبِّي لِكلِّ ضِيَاءِ؟!
أين الدِّعَاياتُ التي سَلَبُوا بِهَا =عَقْلِي، ونَالُوا طاعَتِي وَوَلائِي؟!
أَيَنَ الذينَ تَمَسَّحُوا بِبَراءَتِي =حَتَى مَنَحْتُ حَدِيثَهم إصْغَائِي؟!
أوَما دَعُونِي لِلتَّحَرُّرِ جَهْرَةً =حَتَى أَكُونَ رَفِيقَةَ العُظَمَاءِ؟!
يَا وَيْلَهم، كَيفَ اسْتَحَالَ حَنَانُهم =عُنْفاً، يُخَاطِبُنِي بِكُلِّ جَفَاءِ؟!
مَا بَالُ أَعْينِهم غَدَتْ مَسْكُونةً =بِهَوى النِّفوسِ وشَهْوةٍ رَعْناءِ؟!
مِنْ نُطْفةِ الحَجَرِ الأَصَمِّ تَخَلَّقُوا =فَقلُوبُهم كالصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ
خَدَعوا الأنوثَةَ حينَما رَفَعُوا لَهَا =عَلَماً من الحرَّيةِ الشَّوْهاءِ
كَسَروا قِوَامةَ أَهْلِنا وتسلَّطُوا =بقوامةِ التَّضْلِيلِ والإِلْهاءِ
أَفْتَوا، وهَلْ يُفْتِي الذي لَمْ يَدْخِرْ =عِلْماً بِنَهْجِ الشِّرْعةِ الغَرَّاءِ
وكأنَّما طَلَبُ العلومِ معلَّقٌ =بِسِفُورِ وَجْهِي وانْحِسَارِ رِدَائِي!
كَذَبُوا عَلَيَّ بِمَا ادَّعُوه، وإِنَّمَا =أَوْرَوا بما جَلَبُوه زَنْدَ شَقَائِي
هم أَشْهرونِي في الوَسَائِل كلِّهَا =حَتَى عَشِقتُ تَوَهُّجَ الأَضْوَاءِ
وأُصَبْتُ بالدَّاءِ العُضَالِ، وإنَّما =داءُ انحرافِ الطَّبْعِ أَسْوأُ دَاءِ
فتبرَّأتْ مِني ثِيابُ مُروءَتِي =واستَفْظَعَتْ وَحْلَ الطَّرِيقِ حِذَائِي
إنّي أقولُ، وقَدْ رَفَعْتُ غِشَاوَتِي =ونَجَوتُ من دَوَّامةِ استِرْخَائِي!
مَا أكذبَ الدَّعْوى التي لا تَنْطَوي =إلاَّ عَلَى لُغةِ الهَوى الجَوْفاءِ!
حرَّيةُ القَومِ اختلاطٌ مَاجِنٌ =في دَارِ عَارِضةٍِ، وحَفْلِ غِنَاءِ
مَنْ يُبْلغُ الفَتَياتِ عَنِي صَرْخةً =ممزوجةً بتودُّدي ورَجَائي؟؟
لا تَنخدعْنَ بمَن يَلُوكُ لِسَانَه =كِذَبَاً، ويَرفعُ رايةَ السُّفهاءِ
رافقتُهم زَمَنَ الضَّياعِ فلمْ أجدْ =إلاَّ خِداعَ رِجَالِهم لنِساءِ
يا ليتَ شِعْري، من يُواجهُ كَيْدَهُم =ويصدُّ جَيشَ الغَارةِ الهَوْجَاء
مَنْ يُنْصِفُ الأنْثَى من الدَّاعي إلى =طُرْقِ الضَّياعِ ومَنْهجِ الغَوْغَاءِ؟
مَن يُنْصِف الأنثَى من الرَّجل الذي =يَقْتَاتُ من بَيعٍ لَها وشِرَاءِ؟
يا بنتَ إسلامِ الشمُوخِ خُذي المَدى =فَرَساً يُطوَّع قَسْوَةَ البيَدْاءِ
يَشْدُو بألحَانِ الصَّهيل فيَنْتَشِي =قَلْبُ الإباءِ ومُهْجَةُ العَلْيَاءِ
قولِي لعشَّاقِ السَّرابِ ومَنْ حَذَا =حَذْوَ الغُرَابِ مقلَّدِ الوَرْقَاءِ:
بِبَصِِيرَتِي شاهَدْتُ فَجرَ حَقيقتِي =إن الحقيقةَ فَوْقَ كلِّ خَفَاءِ
طِيرُوا كَمَا شِئتُم، فَلا طَيَرَانُكم =يُغْرِي، ولا أجْواؤُكم أجْوَائِي
بيني وبين كِتَابِ رَبِّي دَوْحةٌ = تُسقَى مَنابتُها بأطهرِ مَاءِ
عِلْمِي وإيْمَانِي يُضِيئان الدُّجَى =ويكمَّلانِ مَع الحَيَاءِ بِنَائِي
أمْضِي، وفي ذِهنِي يَقينُ خَدِيجةٍ =وإِبَاؤهَا، وعَزِيمةُ الخَنْسَاءِ
[/poem]