بقية إنسان
رسالة من أسير في "كوبا" لوالده شعر : محمد بن عبدالرحمن المقرن
ياوالدي لاتسبل الأحــــزانا
لستُ الجبان وما أراك جبانا
يا والدي والسجن عندي جنــة
أرأيت مثلي في السجون جنانا؟
من كان رب العرش مقصده فلن
يرضى الهوان ولن يعيش مهانا
معصوبة عيناي لكنــي أرى
مالاترون تلذذا وأمــــانا
ويبيت في الأغلال جسمي موهناً
والروح فيني تشبه البركـانا
من فوق رأسي حارسان يخيفهم
نفَسي، فيحسب من فمي حسبانا
ويمر طيف الذكريات بخاطري
فأبلّ منه الروح والوجــدانا
لكأن أمي لم تدع من دمعــة
إلا أراقتها أســـى وحنانا
والله لو علمت بجنة خافقــي
لغفت بملء عيونهـا اطمئنانا
ياوالدي أتظن ليلي وحشــةً
وأنا أرتل في الدجـى القرآنا
هيهات ! ماصدري علي بضيّقٍ
ما ضاق صدر يحمل الإيمان
أنا في سبيل الله أبذل مهـجتي
وأقيم لي بالمكرمــات كيانا
لو مزقوني ماجزعت فإنــه
داعي الجهاد إلى الجنان دعانا
ياوالدي حتام نبقى هــكذا
متأمّلين نعدّ في قـــتلانا
حدّث عن الإقــدام أمتنا التي
ظلت فلم تعرف له عنـوانا
وابحث عن الإنسان يا أبتي فقد
تعب الشعور ولم يجد إنسانا
أنا يا أبي أصبحت أعظم مجرم
لما رفضت الذل والإذعانا
قالوا مدان أنت بالإرهـاب يا
فرحي إذا بالدين صار مدانا
حلُ لهم طغيانهم في أمــتي
ومحرّم أن ندفع الطــغيانا
ويجوز أن ترمي اليهود قنابلاً
وتمحو القرى وتمزق الصبيانا
وإذا رمى طفل ببعض حجارة
أمسى عدوا مجرما خــوانا
خرجوا لقتل اثنين وسط كهوفهم
ماذنب أطفال تمـوت عيانا
من رام قاعدة ليهدم أصــلها
لِـمَ يستطير ويهدم الجدرانا
لا جرم لو قصدوا الشعوب تقصدا
أو أحرقوا بالساكن الأوطانا
هدموا جميع البيت واعجبـي وما
هزوا لقاعـــدة به أركانا
لم نعرف الإرهاب في إسلامنا
إلا على الباغـي لنا عدوانا
إسلام عدلٍ كيف يُنصف من يدٍ
مغلولة لم تعــرف الميزانا
يا والدي اذكرني بأكرم شيمة
مع كل خيل تحمل الفرسـانا
وإذا رأيت الأُسد فاذكر باسلاً
في القيد يسكن مثلها القضبانا
إنا نرى مالانرى من ظلمهم
والله رب العالميــن يرانا
للكافرين الذل لا مولى لهم
والله في عــليائه مـولانا
23 - 7 -1423 هـ