بنت الشرقيه
جزاك الله خيرا على كلماتك الطيبة
أخي الكريم الـــفارس شكرا لك ونسأل الله تعالى النطق بالشهاده عند الممات يارب العالمين ..
أخي المبارك الرمادي
شكرا وأسأل الله تعالى لي ولكم ولكل المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات أن يجعل قبورنا روضة من رياض الجنة برحمتك يا أرحم الراحمين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال عبدالحق الأشبيلي : فينبغي لمن دخل المقابر أن يتخيل أنه ميت، وأنه قد لحق بهم، ودخل معسكرهم، وأنه محتاج إلى ما هم إليه محتاجون، وراغب فيما فيه يرغبون، فليأت إليهم ما يحب أن يؤتى إليه، وليتحفهم بما يحب أن يتحف به، وليتفكر في تغير ألوانهم، وتقطع أبدانهم، ويتفكر في أحوالهم، وكيف صاروا بعد الأنس بهم والتسلي بحديثهم، إلى النفار من رؤيتهم، والوحشة من مشاهدتهم وليتفكر أيضاً في انشقاق الأرض وبعثرة القبور، وخروج الموتى وقيامهم مرة واحدة حفاة عراة غرلاً، مهطعين إلى الداعي، مسرعين إلى المنادي .
يا أيُّها المتسَمِّنُ *** قل لي لمن تتسمَّن ؟
سَمَّنتَ نفسَك للبِلى *** وبطنت يا مستبطن
وأسأت كل إساءة *** وظننت أنك تحسن!
مالي رأيتك تطمئن **** إلى الحياة وتركن!
يا سكن الحجرات ما *** لك غير قبرك مسكن
اليوم أنت مكاثر *** ومفاخر تتزين
وغداً تصير إلى القبور *** محنط ومكفن!
أحدث لربك توبة *** فسبيلها لك ممكن
واصرف هواك لخوفه *** مما تسر وتعـــلن
فاعتبروا يا أولي الألباب
* كم من ظالم تعدى وجار، فما راعي الأهل ولا الجار، بينا هو عقد الإصرار، حل به الموت فحل من حلته الأزرار (فاعتبروا يا أولي الأبصر)
* ما صحبه سوى الكفن ، إلى بيت البلى والعفن، ولو رأيته وقد حلت به المحن ، وشين ذلك الوجه الحسن، فلا تسأل كيف صار (فاعتبروا يا أولي الأبصر)
* أين مجالسة العالية؟ أين عيشته الصافية؟ أين لذاته الخالية؟ كم كم تسفى على قبره سافية !! ذهبت العين وأخفيت الآثار (فاعتبروا يا أولي الأبصر)
* تقطعت به جميع الأسباب، وهجره القرناء والأتراب، وصار فراشه الجندل والتراب، وربما فتح له في اللحد باب إلى النار (فاعتبروا يا أولي الأبصر)
* نادم بلا شك ولا خفا ، باك على ما زل وهفا، يود أن صافي اللذات ما صفا ، وعلم انه كان يبني على شفا حرف هار (فاعتبروا يا أولي الأبصر)
لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه
ثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : \" لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة , فانفلتت منه , وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فأضطجع في ظلها – قد أيس من راحلته – فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وان ربك – أخطأ من شدة الفرح – \"
سبحان الله ... وما أجمل تلك الحكاية التي ساقها ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين حيث قال : \" وهذا موضع الحكاية المشهورة عن بعض العارفين أنه رأى في بعض السكك باب قد فتح وخرج منه صبي يستغيث ويبكي , وأمه خلفه تطرده حتى خرج , فأغلقت الباب في وجهه ودخلت فذهب الصبي غير بعيد ثم وقف متفكرا , فلم يجد له مأوى غير البيت الذي أخرج منه , ولا من يؤويه غير والدته , فرجع مكسور القلب حزينا . فوجد الباب مرتجا فتوسده ووضع خده على عتبة الباب ونام , وخرجت أمه , فلما رأته على تلك الحال لم تملك أن رمت نفسها عليه , والتزمته تقبله وتبكي وتقول : يا ولدي , أين تذهب عني ؟ ومن يؤويك سواي ؟ ألم اقل لك لا تخالفني , ولا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة بك والشفقة عليك . وارادتي الخير لك ؟ ثم أخذته ودخلت .
فتأمل قول الأم : لا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة والشفقة .
وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم \" الله أرحم بعباده من الوالدة بولدها \" وأين تقع رحمة الوالدة من رحمة الله التي وسعت كل شيء ؟
فإذا أغضبه العبد بمعصيته فقد أستدعى منه صرف تلك الرحمة عنه , فإذا تاب إليه فقد أستدعى منه ما هو أهله وأولى به .
فهذه تطلعك على سر فرح الله بتوبة عبده أعظم من فرح الواجد لراحلته في الأرض المهلكة بعد اليأس منها .
حين تقع في المعصية وتلم بها فبادر بالتوبة وسارع إليها , وإياك والتسويف والتأجيل فالأعمار بيد الله عز وجل , وما يدريك لو دعيت للرحيل وودعت الدنيا وقدمت على مولاك مذنبا عاصي ,ثم أن التسويف والتأجيل قد يكون مدعاة لاستمراء الذنب والرضا بالمعصية , ولئن كنت الآن تملك الدافع للتوبة وتحمل الوازع عن المعصية فقد يأتيك وقت تبحث فيه عن هذا الدافع وتستحث هذا الوازع فلا يجيبك .
لقد كان العارفون بالله عز وجل يعدون تأخير التوبة ذنبا آخر ينبغي أن يتوبوا منه قال العلامة ابن القيم \" منها أن المبادرة إلى التوبة من الذنب فرض على الفور , ولا يجوز تأخيرها , فمتى أخرها عصى بالتأخير , فإذا تاب من الذنب بقي عليه التوبة من التأخير , وقل أن تخطر هذه ببال التائب , بل عنده انه إذا تاب من الذنب لم يبقى عليه شيء آخر .
ومن موجبات التوبة الصحيحة : كسرة خاصة تحصل للقلب لا يشبهها شيء ولا تكون لغير المذنب , تكسر القلب بين يدي الرب كسرة تامة , قد أحاطت به من جميع جهاته وألقته بين يدي ربه طريحا ذليلا خاشعا ,
فمن لم يجد ذلك في قلبه فليتهم توبته . وليرجع إلى تصحيحها , فما أصعب التوبة الصحيح بالحقيقة , وما أسهلها باللسان والدعوى.
فإذا تكرر الذنب من العبد فليكرر التوبة , ومنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله : أحدنا يذنب , قال يكتب عليه , قال ثم يستغفر منه ويتوب ,قال : يغفر له ويتاب عليه , قال : يكتب عليه , قال :ثم يستغفر ويتوب منه ,قال : يغفر له ويتاب عليه . قال فيعود فيذنب . قال :\"يكتب عليه ولا يمل الله حتى تملوا \"
وقيل للحسن : ألا يستحي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود , ثم يستغفر ثم يعود , فقال : ود الشيطان لو ضفر منكم بهذه , فلا تملوا من الاستغفار .
إن الهلاك كل الهلاك في الإصرار على الذنوب
وان تعاظمك ذنبك فاعلم أن النصارى قالوا في المتفرد بالكمال : ثالث ثلاثة . فقال لهم ( أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه ) وإذا كدت تقنط من رحمته فان الطغاة الذين حرقوا المؤمنين بالنار عرضت عليهم التوبة : ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا )
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
صيد الفوائد