قصه قصيره [ رُوحٌ تَشتَاق ]
بقلم : خـــــــالــــــد
الجزء الاخير
.
.
الْسَّاعَه الْتَّاسِعَه صِبَاحَا و سَارَه دَخَلْت لِلْتَّو مَعَهَا كِيْس يَبْدُو مِنْه الصندوق الاسود .
مُدَّت هند يَدَهَا لِتُتَنَاوَل الصندوق مِنْهَا و فِي عَيْنَيْهَا لَهْفَه كَمَن تَسْتَعِد لِاحْتِضَان صَغِيْرَهَا الَّذِي وَلَدَتْه لِلْتَّو.
اخْرَجْت من الصندوق قَمِيْصا ضَمَّتْه الَيْهَا و اخَذْت تَشَمّه و تَبْكِي بَكَّاءُا صَامِتْا ..
تُذَكِّر ذَلِك الْيَوْم الَّذِي احْتَضَنَت فِيْه هَذَا الْقَمِيْص مَازَالَت تُذَكِّر كَم لِيّلَه نَامَت و هِي تَحْتَضِنُه مَازَالَت تُذَكِّر طَعِم دُمُوْع االعِشق و الْشَّوْق الَّتِي بَلَلْتَه
و هِي تَتَمَنَّى ان يَكُوْن هَذَا الْقَمِيْص عَلَى صَدْر طلال و يَمْسَح دُمُوْعِهَا بِيَدَيْه بَدَلَا مِن ان تَجِف عَلَى قَمِيْصِه الْفَارِغ مِنْه الَا مِن رَائِحَتِه .
.
.
.
.
قَالَت لسَارِه و كَان اي شَيْء فِي الْدُّنْيَا لَا يَعْنِيْهَا الَا هَذَا القميص :عطيني قلم وورقه.
اخَذَت الْقْلُم فَكَتَبْت بَعْض الْكَلِمَات و لَم تُحَاوِل سَارَه ان تَنْظُر لِمَا امَّهَا تُكْتَب .
طَوَت الْوَرَقَه وَوَضَعَتْهَا فِي وَسَط الْقَمِيْص وَطَلَبْت مِن سَارَه ان تَطْوِي الْقَمِيْص بِعِنَايَه و تَلِفُه فِي الْكِيَس .
كَانَت الْدُّمُوْع مِن الْهَيْبَه مَا مَنَع سَارَه ان تَسْتَفْسِر فَاكتَفت بِمُشَارَكَه امَّهَا دُمُوْعِهَا دُوْن ان تَفْهَم مَاوَرَاء هَذَا الْقَمِيْص .
حَاوَلْت هِنْد ان تَتَحَدَّث لَكِن غُصَّه الْبُكَاء مَنَعَتْهَا , جَلَسَت سَارَه
بِجَانِب امَّهَا وَحَضَنْتُهَا .بَكَت الاثْنَتَان مَا شَاء الْلَّه لَهُمَا مِن الْدُّمُوْع ..
دُمُوْع سَارَه تُحَدِّثُهَا عَن الْم امَّهَا .
دُمُوْع هِنْد لِفِرَاق ابْنَاءَهَا و دُمُوْعُهَا لِرَحِيْلِهَا الْقَرِيْب جَدَّا عَن هَذَا
الْعَالِم و هِي لَم تَحْظَى بِوَدَاع طلال و لَم تَشْفِي غَلِيْلَهَا مِن رَائِحَتِه
و لَا حَتَّى سَمَاع صَوْتِه فَقَد مَضَى عشرين عاما عَلَى اخِر عَهْدِهَا بِه . .
خَرَجَت آَه مَكُلُوْمِه مِن صَدْر هِنْد و شَرِيْط الْذِّكْرَيَات يَمُر امَامَهَا وَتَتَذَكَّر حِيْنَمَا طلقها و فرقتهم قسوه الايام فاحتفظت بقَمِيْصَه لتَحْضَى بِشَئ مِن اثَرَه يُصَبِّرُهَا عَلَى نَار الْجَوَى التي تنتظرها ..
و كَان الْفُرَاق الَّذِي طال امده واورِثُهَا شوقا ظل ملازما لها حتى ألم بها مرض منذ عَامَيْن
و اَشتَد عليها الْمَرَض شَهْر اثَر اخَر الَى ان اصْبَحْت الْيَوْم عَلَى فِرَاش الْمَوْت خَالَيَه الْيَدَيْن الَا مِن قَمِيْصِه و قَد حَان وَقْت ارْجَاعِه الَى صَاحِبِه و وَقَّت عَوْدَة الْامَانَه الَى بَارِئِهَا .
امْسَكْت هِنْد يَد سَارَه الَّتِي تُطَوِّقُهُا وَرُفِعَت رَاسِهَا
الَيْهَا :ساره ,ماما , ابعطيك رقم دقي عليه و قولي له يجي ياخذ غرض له عند كاونتر الممرضات وعطيه اسم المستشفى والقسم ...
قَاطَعَتها ساره : بس ..لَكِن هند اَكْمَلَت وهي تُقَطِب جَبِينها للارهاق الذَي يُثْقِلها من جَرّاء الحَديث :انت بنتي وصديقتي واكثر وحده تعرفين ان طلال ساكن فيني رغم كل هالسنين.
وَاكْمَلْت وَهِي تُرْخِي جَسَدِهَا الْمُنْهَك عَلَى سَرِيْرِهَا: لا تتصلين الا اذا اخذ الله امانته , وصيتك تنفذين على طول .. على طول .
كَانَت سَارَه تَوَد ان تَقُوْل شَيْئا لَكِن لَا تُعْرَف مَاذَا تَقُوْل .. لَكِنَّهَا اسْتَسْلَمَت لِّدُمُوْعِهَا وَهِي حَاضِنِه يَد امَّهَا مَرّ الْيَوْم هَادِئا عَلَى هِنْد هَادِئا .
.
.
.
وَفِي تَمَام الْثَامِنَه من مَسَاءَ الخميس الخامس من مايو 2011 كَان طَلَال أمَام مَكْتَب الْمُمَرِّضَات مُمْسِكَا بِقَمِيْصِه و يَقْرَأ :[ السبت 10 -3 -1992 يوم نُزٍعت مني الروح.
الْلَّهُم اجْمَعْنِي بِه فِي الْجَنَّه .]
.
.
.
.
الْتَفَت يَمِيْنا نَاحِيَه غُرَفِه ازدَحَم عِنْدَهَا رِجَال وَنِسَاء و مَعَهُم طِفْلَتَيْن و قَد كَان الْجَمِيْع يَبْكِي و سَمِع صَوْت رِجَال مِن دَاخِل الْغُرْفَه يُرَدِّدُوْن :
انَا لِّلّه وَانَا الَيْه رَاجِعُوْن. تعوذوا من ابليس هي الحين ما تبي منكم الا الدعاء ..