[أبو الخلود]

أحبك أكثر

أتيتك هذا المساء محملاً بالكلمات ...
أكتب إليك أو أحاول الكتابة ...لا شيء يثبت أني أحبك غير الكتابة ..
أحبك أكثر .. وأعرف أن المسافة بيننا لا تنتهي ..
وأعرف أني لن آخذك إلى بلاد جنوني ..
ولن تأخذيني إلى ليل جفونك..
ونبقى نهادن في حبنا مثل الحمام ونموت كمومياء قديمة ألف عام ..
أحبك أكثر يا عمر السحاب المخبئ في ذاكرة السماء ..
يا دعاء الفجر من أفواه الأنبياء ..يا مطر الصباح ..
لو يهبط هذا القمر الكئيب على شجر الليل قليلاً لرجوته أن تبقى الفصول شتاء ..
وأن لا ينقطع المطر لأغسل القلق عن قامتي ..
لأعود طفلاً ..لأدخل قلبك دون ارتجاف وأشعل حزني وأخبو إلى الصمت وأكتب :

عينان أحلى من برتقالة ..
قمر يهجر نافذتي وتنام الأشياء بدون قمر

أحبك أكثر ولا شيء يثبت أني أحبك غير الكتابة ..
أكتب لأدخل عناق السراب وأركض خلفك بين السطور
أنادي عليك حبيبة عمري نامي لتصحو الأشياء من موتها ..
وأترك عطرك يتجول في أنحاء المكان ويناديني لأشارك في الكرنفال الأخير ...
يتسلل ضوء كسول شقوق المكان .. يمزق الحزن القديم ما بيننا ..
فأكتب لأن الحروف تعرف أسرار قلبي ..
قلبي الذي لم تعرفيه رغم أنك تعيشي فيه ..
وحدهم العشاق يؤمنون بالكلمات ولهذا ينتحرون ..
وحدها الأوراق تعكس صورة روحي الغارقة في الذكريات ..
فتمر غيمة شاردة ..
شارع شاحب الأشياء..
كلمات ترسم للظل مكانا للجلوس ..ودموع غارقة بالأحلام ..
أخبئ جرحا كي تطلع الأناشيد من أمسيات البرتقال ..
أخبئ أني أحبك فيتعب الغيم الشتائي من السفر ويبكي

(مهزومة دوماً أشياء الشتاء)

أحاول الكتابة كي لا تموت الأحلام دفعة واحدة ..فتصير الكتابة طقوس هزيمة
أحاول الكتابة عن ذاك الوجه الطفولي البريء
عن امرأة أسافر معها في لهفة عينيها ..فتنفجر ينابيع الحنين ..
آه لو أكتب حرفاً يختصر سر الحنين ويعيدني طفلاً ينام في أحضانها .. ويعانقها طويلاً فيذهب عن روحه ازدحام الراحلين ..
أحبك أكثر لأني بدون وطن ..
أحبك أكثر لأننا تعانقنا عند أول الفجر وكانت أيدينا رمادية بلون الفضاء الصباحي ..
أحبك أكثر في لحظات الجنون أحبك لأني بدونك بعض هواء وماء ..
لأني بدون انتماء ..

أحبك أكثر