عرض مشاركة واحدة
قديم 16-08-04, 12:28 am   رقم المشاركة : 3
ماجد الأول
عضو قدير
 
الصورة الرمزية ماجد الأول





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : ماجد الأول غير متواجد حالياً

[align=justify][align=center]تسعدني متابعتك [/align]
[line]
[align=center]( 1 )[/align]
شعر الطبيعة الأندلسي ( مقدمة ) :-
يعرّف شعر الطبيعة في العربية بأنه: الشعر الذي يصور الطبيعة الحية والصامتة كما تمثلتها نفس الشاعر وصورها خياله. ( 1 )

وباب الوصف عند العرب من أكبر فنون الشعر وأغراضه، إذ إنه يدخل في جميع أغراض الشعر الأخرى، وقلما نرى قصيدة في الوصف حصراً، إلا في المقطوعات الصغيرة.

وإذا كان الشعر صدى للبيئة المحيطة بالشاعر، وتصويراً لها. فلقد كان من الطبيعي أن يبرع الأندلسيون في شعر الطبيعة بالذات؛ لأن الله حبا بلادهم من السحر والفتنة والجمال ما حرم منه بلاداً كثيرة، لذا فقد تأثر معظم الشعراء الأندلسيين بالبيئة الأندلسية الفاتنة، مع تفاوت في حجم هذا التأثر .

وكان النقاد القدامى قلما يخضعون هذا الموضوع – شعر الطبيعة - تحت دراستهم ورعايتهم الخاصة أو يفردونه بالبحث والعناية بل إنهم لم يكونوا يعدون الوصف من أغراض الشعر الأساسية. كالغزل والمدح والرثاء. ولعل المبرر لهذا هو أن الوصف ممتزج في جميع موضوعات الشعر لهذا رأوا أنْ لا حاجة لإفراده بالدراسة.

والمتأمل للشعر العربي في الأندلس يجد أن الشاعر الأندلسي كان مرناً في التعامل مع بيئته الجديدة وطبيعة بلاده الساحرة. وقد انفرد شعر الطبيعة عند الأندلسيين بمميزات خاصة. ولهذا يمكن القول إن شعر الطبيعة على وجه الخصوص صار له شأن عند عرب الأندلس لم يكن له مثيل عند نظرائهم الشرقيين، وهذا كله رد فعل طبيعي لمؤثرات البيئة، وما تميزت به بلادهم من طبيعة خلابة جعلت قرائح الشعراء تجود بأعذب الشعر.

هذا ابن خفاجة يصف الأندلس متحدثا بلسانه ولسان الأندلسيين يقول:


[poem=font="Simplified Arabic,4,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
إن للجنة في الأندلس = مجتلى حسن وريا نفس
فسنا صبحتها من شنب = ودجى ظلمتها من لعسِ
فإذا ما هبت الريح صَبا = صحت: وا شوقي إلى الأندلسِ [/poem]
والشعراء الأندلسيون لم يغادروا شيئاً صغيراً أو كبيراً من الطبيعة الحية أو الصامتة إلا انفعلوا به وجسدوه في صورة شاعرية عذبة، وأطالوا النظر في جزئياته، وأسبغوا عليه من ألوان البديع، وأكسبوه وصفاً يفوق الخيال في الروعة والجمال.
ولقد تناول الشعراء الأندلسيون الطبيعة ووصفوها في صورة حية، لا تراوح مكانها عند ذلك الوصف الجامد، الذي لا حياة فيه ولاحركة، بل تتعداه إلى أبعد من ذلك، فوصفوا الرياض وأنوارها والحدائق وأزهارها، بل إنهم أنطقوا الأزهار فتفاضلت، وأجري الثناء على لسانها فمدحت. ومن ذلك قول الجزيري على لسان بهار المنية العامرية:


[poem=font="Simplified Arabic,4,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
حدق الحسان تُقر لي وتغار = وتضل في صفتي النهى وتحار
طلعت على قُضُبي عيون كمائمي = مثل العيون تحفها الأشفار
وأخص شيء بي إذا شبهتني = درر تنطـَّـق سلكها دينار
أهدى له قضب الزمرد ساقه = وحباه أنفس عطره العطار
أنا نرجس حقاً بَهرت عقولهم = ببديع تركيبي فقيل بهار [/poem]
يرى عدد من الباحثين أن شعر الطبيعة في الأندلس قد نماء وتطور وتعددت أغراضه بعد نضجه في المشرق، حتى أن الدكتور أحمد هيكل يرى أن تأثر الأندلسيين بالصنوبري، وهو أكبر شعراء الطبيعة في المشرق، ووقوفهم على شعره كان من أسباب نضج شعر الطبيعة الأندلسي في القرن الرابع وما بعده. ويجمع عدد من الباحثين أن بداية نضج شعر الطبيعة الأندلسي كانت في القرن الخامس الهجري، حيث ظهرت موضوعات شعر الطبيعة ومجالاته من روضيات وزهريات ومائيات وثلجيات وثمريات.

ويطالعنا بعض الباحثين بآراء متضاربة حول أفضيلة شعر الطبيعة المشرقي على الأندلسي أو العكس. فالبعض يرى أن المشرقي هو الأصل ولا ينظرون إلى الأندلسي سوى أنه تابع للمشرقي متأثر به، وإن كانوا لا ينكرون تفوق الأندلسي من ناحية الكم.

إلا أن الأرجح أن الأندلسيين فاقوا المشارقة في شعر الطبيعة في الكم والكيف، وأخذوا في التوسع والتنويع في موضوعاته، كما أنهم تميزوا في دقة التصوير، وكانوا أكثر براعة وروعة. وإن كان فضل شعر الطبيعة المشرقي على الأندلسي لا ينكر، من حيث التمهيد له، حيث انطلق شعر الطبيعة الأندلسي بعد أن أخذ أصوله من المشرق إلى آفاق واسعة، وطرق مواضيع طريفة لم تطرق من قبل، وهذا ما سأوضحه في المقبل من هذا الموضوع بإذن الله . ويُرجع بعض الباحثين تفوق شعر الطبيعة الأندلسي على المشرقي لسببين:-


=====================
هامش:
(1) يقصد بالطبيعة الحية: كل شيء حي مما عدا الإنسان، من الحيوان والطير. ويقصد بالطبيعة الصامتة: الجمادات مثل: الحدائق والحقول والجداول والأنهار ...[/align]







التوقيع

[align=center](ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)[/align]