من غرفة اللاوعي
وصحوت ، نظرت حولي ..!! وجوه غريبة ، توجّه الحديث صوبي ، يقولون لي، ولا أعرف من هم : إنس الماضي، لا تفكري في الغد، تخلصي من مخاوفك، فالخوف مرض خطير، الحادث أليم ، ومن معك قد رحلوا إلى بارئهم، إلى رحمة الله وغفرانه ؛ الحادث أليم وأنت مازلت على قيد الحياة، والمستقبل أمامك مشرّعا أبوابه .
هل أنا فعلا على قيد الحياة ؟! أنا أتنفس، نعم أتنفس..! ولكن، كيف أهرب من أشباح الأمس، كيف أنتظر الغد الحزين؛ بعدهم ، كيف أتنفس الطيب وأنفاسهم رحلت وأخذت كل جميل معها ، هل ما زلت على قيد الحياة ؟ لا أدري !! حاولت نقل أفكاري والتأمّل وحمدت الله كثيرا ولكن شيء بداخلي يمزّقني ، مرت صورته بالخاطر ، تأمّلت وجهه الذي حضر أمامي ، وجه يشع بنور التقوى ، وأصغيت لوحي المحبة في صوته الرؤوف الدافئ ، حيث يقول : اثبتي ، تشجعي ، اصبري ، ثم غاب الصوت وانطفأ السراج في ضبابة رمادية كئيبة ، وغاب وجهه الحنون العطوف إلى الأبد!! أصبحت الساعات حالكة السواد ، كهذا الليل الذي لا فجر له في بلاد لا تشرق الشمس فيها..
أحقا أنا على قيد الحياة ، أتنفس نعم ، وأتجرع العلقم وحيدة ، ولكن ، من أنا؟! وأين ذهبت نفسي؟ أين ؟ ظللت أفكر وأفكر وتعبت !! بيد أنني قررت نقل أفكاري وأعود للتأمل والقراءة، فعصتني نفسي ، وحدة كئيبة ، ألم لا أعرف كنهه يمزقني أشلاء ، أحدق في اللامنظور ، تتراقص أمامي الصور وتغيب..
أنا على قيد الحياة ؟؟ لا أدري ولا أجد الجواب لتساؤلاتي ، أين نفسي ؟ تعبت تعبت ، فقررت أن أنسى ، وأضحك .. أضحك.. نعم بلا سبب، أم من الأجدر لي أن أبكي وأبكي، وأصرخ ملء جوانحي، فأنا ضائعة أبحث عني وفي سجل قيد الأحياء، سأضحك وأبكي بلا سبب ، وأتنفس بلا سبب. هاهم ملائكة الرحمة ينقلونني إلى غرفة اللاوعي لأتنفس وأغيب والباقي في علم الغيب " سبحانه وبحمده ولا إله إلاّ هو "..
يوميات من دموع اليراع..