بسم الله الرحمن الرحيم
زيزفونتي المحبوبة..
وأنا بين يدي الله وبعد صلاة الليل، حتى بدأ الفجر يلقي بذور النور ، في أعماق ظلمة الليل وقد استغرقت ساعات طويلة متأملا راكعا بخشوع عميق أمام هيكل الحب الإلهي ، زالت كل الغشاوات عن بصيرتي ، أعود لأتذكر وعدي لك وأحدثك عن رحلتي في عينيه وكما هو عهدي بك تمنحيني الأذن الصاغية ، تترجمين لغتي كما هي بإحساسي ، وتستوعبينها كما هي بنواياها ، وكما هو عهدك بي ؛ استقبل الفجر الجميل واحتسي قهوتي تحت أجنحتك الوارفة وتنثري أريجك حولي ، فأستنشق نسمات الطهر والنقاء ، فأحمد الله كثيرا وأسبّحه بخشوع وسكينة..
لن أطيل عليك ، فقد كانت رحلتي في عينيه لا تشبه أي رحلة !!
لم أكن بكياني وروحي مع البشر ، كنت بقلب بيته ، تجردت من كينونتي الجسدية ، وروحي رفرفت في حماه ، شيء بداخلي لا يوصف ولا أقوى على تجسيده .
فيما مضى كنت أسأل جدتي :
لماذا ضيوف الرحمن يرتدون الحلة البيضاء؟! ولماذا أهل الجنة يرتدون الحلة الخضراء؟؟!! وقتها لم أفهم معنى إجابتها !!
وبعد أن لثمت حجره وشعرت بالشغف والبقاء معانقة ، والوله ومفارقة كل من سواه.
والآن يا زيزفونتي الصديقة ، أدركت معنى كلام جدتي ، وكما تريني ؛ ما زلت أرتدي حلتي البيضاء قلبا وقالبا ، فقط أسفرت عن وجهي لألتمس نور الرحمن ، وأرتوي من ديمومة حكمته السرمدية وشمرت عن ساعدي ، لأكتب قصتي في بيته ورحلتي في رحاب مدينة الرسول الأعظم " عليه الصلاة والسلام " سيد الخلق ومهوى الأفئدة ..
وأخيرا يا زيزفونتي الذكية ، ما حدثتك عنه سابقا لا زال عالقا في ذهني ، فمن طبيعة الأشياء التغير وعدم الثبات وكذلك التجدد ، ومفاهيمنا لا تلبث أن تتغير حينما تنضج الفكرة وتكتمل الخبرة ، ولا ثبات ولا كمال إلا لله الواحد الفرد الصمد ، جلّ وعلا سبحانه ما أعظم شأنه.