بعد ربع ساعة من الدوران اكتمل العدد أخيرا ..
(كم بقى وينتهي هالترم على خير؟؟) خرجت هذه الجملة من فاطمة المتضجرة على الدوام
عاجلتها وفاء بضربة على كتفها (ارحمينا!! كل يوم ناطة لنا بهالسؤال...! خلينا نحس إن الأيام تمشي!!)
فاطمة : (يا أختي مليت..طفَش ورب البيت طفَش)
وفاء : (طيب لاتطفشيننا معك الله لايهينك)
هنا سرح خيال عبدالله للبعيد خصوصا بعد سماعه كلمة (ملييييت)
لنعد مع عبد الله للوراء قليلاً .
إنه الصباح...السماء ملبدة بالغيوم ...والمطر يهطل بإستمرار..وعلى جانب الطريق جلس شاب عليه علامات الحزن ..وتنهداته كادت أن تفرَق الغيوم...
رائحة المطر والأشجار وأصوات رشق الماء على جوانب الطريق من قبل السيارات خلقت جوا بهيجا يجبرك على العمل مبتسما في هذا اليوم رغم كل شيء..
ذلك النوع من الأجواء الذي لاينمحي من ذاكرتك بسهولة
لكن شخصا ما بدا بحزنه وكأنه يسبح عكس التيار
(عبدالله للحين مصرّ إنك ماتداوم..؟؟؟؟) قطع عليه انسجامه مع أفكاره الكئيبة صوت محمد
(هلا محمد..هبّلت بي!)
(والله من جد للحين مصرّ إنك تترك الدراسة؟؟)
كان هذا الحوار بعد جدال حامي الوطيس دار بينهم قبل عدة أيام
(حرام..!) قالها محمد بأسى واضح
( يا أخي وش أسوي ملّيييييييت !)
(صدقني .. تراك بتتحسف..) مضى محمد في طريقة إلى مدرسته الثانوية وترك صديقه عبدالله غارقا بأفكاره الخاطئة وتهور الشباب
لم يكن عبد الله من النوع الصبور.. كان شابا غاية في الحساسية ..ومن النوع الذي يتراجع بسرعة ولايتأقلم بسهولة ...
إيه والله تحسفت يامحمد ...الحين أنت معيد بالجامعة..وأنا...........
أصلا مالي وجه أتشّكى وأنا مامعي إلا الكفائة
آه بس لو أعيد الدنيا...!
ترن نغمة مملة وغبية من جوال نوف ..ترفع الجوال ببرود وترد :
(هاااه)
(إيه)
(هاااااه؟)
وكأن الكلمات اختفت من القواميس ولم تبق سوى (هاه )
أنهت الحوار والذي ظهر للجميع بأنه كان مع المرشدة (سارة)
وأراهن بأن عامل النظافة الذي مرّ امامهم عند الإشارة علم بأنها تحادث المرشدة..
فهي من النوع الذي يصرخ إذا أراد أن يهمس..
مع ذلك نجد نوف تقول (هااه؟) دنيا عجيبة !!
نوف : (هند..الله يعافيك يبغوننا نجيب لهم على طريقنا موية لأن موية البرادة خلّصت )
هند : ( عبد الله سمعْت..تقول إنهم يبغون موية .. وقف عند المحطّة الله يعافيك)
عبد الله : (طيب .. أمري لله )
هند : ( كنك زعلان؟؟؟)
عبد الله : (لا مانب زعلان ولاشي)
سياط اللوم ألهبت ظهره...لماذا لم أكمل تعليمي..؟
لماذا إنقطعت..؟؟؟؟
يالغبائي...........!
ليتني استمعت لنصحهم....
والدي....! عليك رحمة الله ليتني أخذت بكلامك ..!
نزل من السيارة كي يشتري الماء من مركز التسوق الصغير الموجود قرب المحطة
كانت من النوع الذي يشعرك بالغثيان حتى ولو كنت للتو قد انتهيت من تناول وجبتك ..
وفي طريق عودته للسيارة خيّل إليه بأنه يسمع أصواتا غريبة .....
ربما هو صوت استجداء..!
كان عليه أن يعبر بعض الدهاليز الضيقة كي يصل لمصدر الصوت ...
خرج من المكان عامل وقد رسم على وجهه ابتسامة عريضة كانت كفيلة بنزع الريبة من قلب عبد الله
حسنا .. لابد وأنني كنت أتوهم ...
لكن عاد الصوت من جديد.. ومن نفس المكان....
لايمكن أن يكون هذا الصوت إلا نداء استغاثة ...!