وحين تحركنا صوب الجبل .. كانت مفاجأة غير سارة ، فالمسافة التي تفصلنا من مكان قهوتنا وحتى أسفل الجبل وعرة جداً
فلم نسلك الطريق السهل منذ البداية .. وفي هذه اللقطة تظهر وعورة الأحجار التي تدغشمها موتري المسكين
ولأن الصبر يعقبه النجاح والمفازة يعقبها السهل .. فقد بلغنا طريقاً يشق تضاريس الصخر نحو أسفل الجبل ، فقضبناه سريعاً
وحين بلغنا أسفل الجبل ، ترجلنا عن السيارة وأقفلناها بإحكام .. ثم بدأت مسيرة الصعود .. توكلنا على الله
وفي محطات كثيرة من الصعود ينتابنا الحيرة عن أي المسالك أفضل وأسهل للوصول إلى سطح الجبل
وكانت المغارات الصغيرة تكلفنا الكثير من الجهد والوقت والبحث عن المخبوء .. فالشرافة لذيذة يا سادة
هنا تبدو القمة قريبة والتحفز والشوق بلغ منتهاه ... مهب القمة العربية بتاع الرياض << وهــ تمزعت سبدي من الضحك
وفي اللقطة التالية يظهر بجلاء وصولنا للقمة ، فصديقي في حالة إطلالة على سيارتنا البعيدة والبعيدة جداً
أنتم شوفوا اللقطة زين .. همّن أبعلمكم عن شي خطير جداً
8
8
هنا تحديداً .... هممت ولم أفعل وكدت وليتني .. تركت على بوسعود تبكي حلائلة
نعم يا سادة .. لقد هممت بدرفعته حتى أسفل طمية لأراه يهوي كجلمود صخر حطه أبو فالح من عل
وبعدها أصيح في مهواه بصوت عال ( جاك فسحتي يا مقيط )
لكن تعوذت من الشيطان مدركاً أن القطية لا تستحق سحق صديقي .. أضف إلى هذا أنّ ساندويتش فسحتى لم يتبقى منه غير واحدة
علاوة على مظنة احتياجه في حال النزول .. وهنا صرخت من خلفه : ( أنتبه لا تزل قدمك )
فالمعدن الأصيل يبقى ثم يبقى ثم يبقى .. عندكم شك
هنا يظهر جانب يحكي شيئاً من سطح طميّة
وهنا جانب آخر من السطح .. ويظهر في اللقطة طائر ( العقاب ) وهو يحوم فوق صديقي ويردد في داخلة ( رزقن ساقه الله )
وهنا يظهر الجانب الشرقي الغربي من سطح الجبل والذي يطل على السريع ( القصيم .. المدينة ) ..
ومن كان دقيق الملاحظة فقد يشاهد خيط دقيق جداً في الأسفل هو السريع بزاته
وفي إطلالة على الجانب الشرقي .. بصرت بهذه الشجرة اليتيمة فوق سطح الجبل .. وللأمانة لم أشاهد غيرها فوق طميّة .
وكأن لسان حالها يقول : ( ومن يتهيب صعود الجبال .. يعش أبد الدهر بين الحفر )
حقيقة .. تمنيت لو كانت أمتنا الإسلامية بهذا الشموخ والرفعة
.. قصة بناء الرجم ..
ونحن فوق سطح الجبل خطرت لنا فكرة عمل رجم شاهق يطل على الطريق السريع ( القصيم .. المدينة )
وكنا نعتقد أنّ بناء الرجم يحتاج إلى عزيمة وإصرار فقط فالحجارة في متناول اليد وماذا غير ذلك .
لكن بعد الشروع في التنفيذ تبين أن الأمر أكثر من ذلك بكثير .. فهناك اختيار المكان المناسب وهناك اختيار الأحجار بعناية
وهناك الجهد وهناك العطش وقلة الماء الذي بحوزتنا .
وحين نأتي إلى قصة اختيار مكان الرجم فهو بذاته سيناريو ا يجمع بين الطرافة والبؤس ..
نعم يا سادة .. لقد احترنا كثيراً في مكان الرجم ..فأي رجم في المعمورة يحتاج على مكان بارز ومشرف على الهاوية حتى يظهر ويشاهد
ولأجل هذا البروز فقد أخذنا سطح طمية ( أمياط ) .. ذهابا وعودة ، فحين نصل إلى مكان نعتقد أنه بارز وعلى جرف سحيق ..
نكتشف أنه ليس كما نشاهده من بعيد .. ثم نشاهد سريعاً حافة أخرى فنعتقد أنها بغيتنا والمكان المناسب لبناء الرجم
ولكن حين نصل إلى المكان نكتشف نفس النتيجة .. فأبعاد السطح في طمية قد تصل إلى 4 كم .. وتلك الأبعاد يا سادة جعلتنا نتذكر جيداً
منسك السعي بين الصفاء والمروة والذي بدأته أمنا هاجر في سالف الزمان
فأصبح بعدها إحدى المناسك التي نتعبد الله بها وتتم به عمرة المسلم وحجه
وبالمناسبة .. هذا المنسك ( السعي ) برهان ودليل مادي على إكرام الإسلام وتعظيمه لشأن المرأة .. تدروون ليش ؟؟
لأن الجتمع المسلم بشباصاته وشنباته يرثعون و يكررون ما بذلته المرأة هاجر من جهد وبذل ومشقة ..
لكن نحن فوق سطح طمية نبذل جهد ومشقة ليس من الإسلام في شئ ، غير تقليد صعاليك العرب ومضارعة شوارد الناس
نرجع لسالفة الرجم ..
هنا يظهر المكان والقاعدة والبداية لبناء الرجم .. وللأمانة فقد كان بناء القاعدة هو رجم بحد ذاته
هنا يظهر الرجم وقد اكتملت المرحلة الأولى من بناءة << إيقاله جزر البندقية
هنا يستبين الرجم وهو يطل من شاهق .. وللأمانة فقد كدنا جميعاً نروح فيها
فصف الحجارة تصاعدياً يجعل التوازن في أضعف صوره .. وقد تجاوز رجمنا ارتفاع المترين
صدقوني .. لو ساومني أحد على هذا الكأس بألف ريال لقبلت سريعاً دون تردد ..
فالعطش بلغ منتهاه والماء ذهب سريعاً في اجوافنا المنهكة
لذا سارعنا إلى صنع شاي بجميع ما تبقى من مخزوننا المائي .. فحرارة الشاي تقطع العطش أو تخفف من وطأته
دمتم بخير ،،،