هل تصمت الروح؟
دعونا من حديث الروح لنرتاح وترتاح..فقد تكلمت كثيرا,وبثت شكوى وأثارت شجونا و أهاجت أرواحا..
قليلا من الصمت أيتها الروح..فلعلك أحوج إلى الصمت منـــــــــــــــا إلى الإنصات..ولعلنا أحوج إلى الحديث منا إلى الصمت..فلطالما كتمنا وكتموا..وحينما تتكلم الروح فلا بد لنا ولهم من نفثة خاطر,وزفرة باطن,وبوح نفس,ولهفة وجدان..
فلنتكم نحن وهم بعيدا عن الزفرات..ولننشر صفحــات طويناها دون أن تقرأها الروح علينا..
فأي حديث سنقوله ينسينا حديث الروح؟
وهل حقا سيصرفنا ما نقوله,عن الاستماع إلى الروح حين تهمس وتتكلم؟
أحسب أن كثيرا لا يعنيهم من الحديث إلا ما تقوله الروح,ولا يغنيهم من البث إلا ما تبوح به الروح..فلو تكلموا ما تكلموا, ولم يكن ثمة همسة من حديثها,أو لمسة من جناحها..ولم يكن
لها نفحة باردة,أو لفحة محرقة..ولم يكن منها شكوى تتردد,
أو شوق يتوقد..فإن كلامهم لن يقع منهم ومن غيرهم موقعا, ما لم تومض كل كلمة إلى الأرواح إيماض البرق للأرض الظمأى, لتقول الكلمة للأرواح:
إني قادمة على جناحين خاطفين في لمح البرق,فما تلبث الأرواح أن تدرك أن للكلمة روحا ترف بها, قد أشارت بخفقة من جناحها إلى أن الروح التي لم تتكلم قد بثت حديثها قبل أن تلفظ الكلمة,وقبل أن تصل لمحة إبراقها إلى تلك الأرواح..
فهل نستطيع-يا ترى-أن نقول للروح:لا تتكلمي,وهي التي حدثتنا بما نريد أن نقول؟
أيتها الروح ذات الجناحين الهفهافين:طيري حيث شئت,وقولي ما شئت,أو اصمتي كما شئت,فإن الأرواح-من غير أن تتكلمي-قد فهمت منك كل شيء.