إذا احترق الليل
حين يلد الليل حمائمه البيض لتشاركها الروح الطيران,يتنفس كل شيء..
يتنفس الصبح إثر تلك الزفرات التي تنفث لهيبها الأحمر في الأفق معلنة لحظات الميلاد..
ويتنفس الطير بعد ما احتبس عن التحليق وتوقف عن التغريد..
ويتنفس الشجر بعد أن شارك الإنسان نسمته فاشتاق لنسمته المعتادة..
ويتنفس الإنسان إثر جثوم الليل على صدره بظلامه الدامس , وهمومه الثقيلة,وأفكار التائهة,فيحيا من جديد..
أم يغلي به بركان ثار في الكيان صعودا وهبوطا,فأذاب كل جليد,وأحرق الأخضر واليابس,فلا تراه إلا رمادا تحته نار تسيل؟!
لندع للروح أن تحتار ما تشاء..
فهي التي تحدد طريقها بما يحمل كفها من فتيل,وما تنزود من وقود..
ولكن عسى ألا تنسى أن تحمل معها شمعة ربما ستشعلها في الظلمات بحثا عن المصباح..
ولعلها-إذن-أن تحتار من بين كل الشموع شمعة بيضاء..
والروح للجسد كالمصباح,إذا انطفأ أصبحت النفس مظلمة,وكل شيء فيها يصير مظلما شاحبا..
وإذا اشتعل أبصرت النفس كل شيء..
ولكن قبل أن تبصر غيرها,هل يتمكن المصباح الصغير أن يضيء للروح في أروقة النفس المعتمة وطرقها الباهتة..
هنا,ينبغي أن يشعل فتيل يستمد وقوده المتدارك دونما انقطاع..
فأي وقود يشعل فتيل الروح ويضيء مصباح النفس؟!
هل ترى الفتيل يقبس جذوته من وهج الفؤاد المتقد على ضراوة الشوق واللقاء؟!
أم تراه يشتعل أواره من حفيف أجنحة الروح في النفس حينما تطير بها في عالمها الفسيح؟!