عرض مشاركة واحدة
قديم 19-01-22, 05:23 pm   رقم المشاركة : 14726
كروومه
مشرفة عامة
همسات نواعــم
مشرفة قسم الصحة والغذاء
 
الصورة الرمزية كروومه






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : كروومه غير متواجد حالياً

إزالة تلبيس!
……..
(كلّما مات إنسانٌ مشهور بالفساد والصدّ عن سبيل الله وأظهر الناس الفرحَ بموته ، أوذكروا فِعاله وماكان عليه من حال ومشتهراً به مِن فعال وأقوال على وأَبْدَوا ذلك على وسائل التواصل وغيرها،برز بعض النّاس من أمثال الهالك أو من المنتسبين للعلم منكرًا ذلك بحجّة حديث:"اذكروا محاسنَ موتاكم!"،
وصنيعهم هذا يتكرّر وسيتكرّر كلما مات مشهورٌ بالفسق أو الظلم أو الفجور، وهذا الاعتراض منهم على فرح الناس بهلاك المأفون لِما يحسّه المُفسد مِن تقريعٍ له لمشابهته مَن مات، وأمّا ذاك المنتسب للعلم فإمّا أن يكون مِن أخدانهم، أو من المرتزقة لديهم،أو ممّن لايدري يَومَه من أمْسه ولايفقه طه من طحاها ،
وبيانُ القضية أن يقال :
حديث"اذكروا محاسن موتاكم"
ضعيف لايثبت،وقد نقل الإمام الترمذي تضعيفه عن شيخه الإمام البخاري رحمة الله عليهما
ويغني عنه ما في الصحيح مِن قوله صلى الله عليه وسلم:"لا تَسبّوا الأموات،فإنهم أفْضَوا إلى ما قدّموا". وفي بعض الروايات تعليل النّهي بأنّه يؤذي الأحياء،
وهذا الحديث وماجاء في معناه إنما هو في أهل الصلاح أو المستورين مِن أهل الإسلام،على ماقرّره أهل العلم،وأمّا المشهور بالفجور والظلم المعروف بذلك المُعلن به، فهؤلاء ممّن يجوز سبّهم تشنيعًا لصنيعهم وتحذيراً للناس من طريقتهم،وكذلك الفرح بمهلكهم مشروع، ففي الصحيح:"إذا مات العبد الفاجر.. ، يستريحُ منه العبادُ والبلاد والشجر والدواب"،
ومفهوم قوله تعالى:"فما بكت عليهم السماء والأرض"موافقٌ للحديث ،وهذا للفاجرِ المعلن بخبائثه الساعي في الأرض فسادًا، فهو ممّن لاكرامة لهم،
ومن المعلوم أنّ أعظمَ الفسادِ الإفسادُ في العقيدة والدعوة للشرك والبدع والعلمانية ومحاربة تحكيم شرع الله في أرض الله بين عباد الله،ومنه-أيضا- تزيين الفجور والرذائل ونشر الفساد ، ومحاربة أهل الفضل ودعاة الخير والفضائل،
ومِن دلائل مشروعية ذِكر الفاجر والخبيث بما كان عليه ما في الصحيح:"أنّه مُرّ على النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة فأثنوا عليها خيرًا،فقال: وَجَبَتْ، ومُرّ عليه بجنازة فأثنوا عليها شرًا فقال: وجبت. فقالوا: ما وجبت يا رسول الله؟ فقال: هذه أثنيتم عليها خيرًا فوجبت لها الجنة،
وهذه أثنيتم عليها شرًّا فوجبت لها النار،أنتم شهداء الله في الأرض"، فلم يُنكر عليهم ﷺ ذمَّهم لهذا الشخص وثنائهم عليه شرّا ، بل بيّنَ أنّ شهادتهم موجبةٌ له النّار والعياذ بالله،
وفي الصحيح أيضا قصّة عمر رضي الله عنه مع النّبي ﷺ حينما أراد الصلاة على ابن أبيّ بن سلول، وذِكْر عمر رضي الله عنه لجرائر ذاك المنافق وتعداده لها وأنّه قال كذا وفعل كذا ، والنبيّ ﷺ يسمع والناس يشهدون، فلم يُنكر ﷺ على عمر صنيعه،
وفي الصحيحين أيضا؛ أنّه مُرّ على النبي ﷺ بِجَنَازَةٍ فَقَالَ مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ )، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا المُسْتَرِيحُ وَالمُسْتَرَاحُ مِنْهُ ؟ فَقَالَ : ( العَبْدُ المُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا ، وَالعَبْدُ الفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ العِبَادُ،والبِلَادُ، والشَّجَرُ، وَالدَّوَابُّ )،قال العيني-رحمه الله-في شرح البخاري:فإن قيل: كيف يجوز ذِكْرُ شرّ الموتى مع ورود الحديث الصحيح عن زيد بن أرقم في النهي عن سبّ الموتى وذكرهم إلاّ بخير ؟ وأجيب : بأنّ النّهي عن سبّ الأموات غير المنافق والكافر والمجاهر بالفسق أو بالبدعة ، فإنّ هؤلاء لا يحرُم ذكرُهم بالشرّ لِلحذر مِن طريقهم ومن الاقتداء بهم. انتهى.
وفي كتاب الله تعالى ذكر أبي لهب وفرعون وغيرهم بكلّ شرٍّ ، في آيات تُتلى في كل مكان عند كلّ أحد إلى انقضاء الدنيا وذلك لِعظيم كُفرهم وشرّهم،
وكلّ هذه البراهين أدلّةٌ لمشروعية ذكر الفاجر بما كان عليه، والفرح بهلاكه،وكلُّ هذا زجرًا لأمثاله،وتنبيهًا لمن لايعلم حاله،وتحذيراً من فِعاله ومآله،
وهذه مقاصدُ شرعية عظيمة،
ومن المعلوم أنّ صيانةَ جانب الحقّ مقدّمةٌ على حفظ حقوق الخلق إذا تعارضا،
وقد توافرت الآثار عن السلف في فرحهم بمهلك الظالمين، والشماتة بهم،والتشنيع عليهم، كالحجّاج وابن أبي دؤاد وغيرهم وهي حوادث كثيرة مشهورة، وقد سجد عليٌّ رضي الله عنه شكرًا لمّا وجد ذا الثُّديّة في القتلى، وسجد الحسنُ لمّا جاءه خبر موت الحَجّاج الثقفي وقال: اللّهم قد أَمَتَّه فأمِتْ فينا سنّته. وقريبٌ منه صنيعُ إبراهيم النخعيّ حين بلغه موت الحجّاج الظالم المبير، والنصوص والأخبار في هذا المعنى يطول سردها ،
والحاصل أنّ الفرح بهلاك الظالمين والفسقة والمجاهرين بالفسق والفجور مشروعٌ ،بل ذلك مِن علائم الإيمان،
ولا يلزم مِن هذا القطعُ لكلِّ أحدٍ بعينه بجنّة أو نار ، أو نتألى على الله أن يعذّب فلانًا المعيّن، فهذا شيءٌ وذاك شيء، ولكنّنا أيضا
نعتقد بيقين أنّ كلّ كافر ومنافق فهو مِن حطب جهنّم،وكلّ مؤمن فمآله للجنّة، ونرجو للمُحسن ونخاف على المُسيء،والله أعلم).







رد مع اقتباس