![]() |
الوسيط النزيه( بعض الكوميديا السياسية)- نشر لنفس المؤلف في منتديات أخرى.
الوسيط النزيه الشيخ عمران زعيم قبيلة هي أكبر القبائل في المكان. على مقربة منه تسكن قبيلتان: قبيلةصغيرة هي قبيلة السحمية وزعيمها يسمى زهران, وقبيلة الرسليةالكبيرة نسبيا, وزعيمهايسمى هودان . كان للشيخ عمران في الماضي سطوة كبيرة على باقي القبائل المحيطة , كلمة منه تحل الخلافات بل لم يكن يجرؤ أحد على التعدي, خوفا من بطش وجبروت الشيخ عمران . تقدم العمر بالشيخ عمران ,فاستغل المحيطون به غفلته وأساءواالتصرف في شئون القبيلة, حتى ضعفت مكانتها, فلم تعد تستطيع أن تحمي أرضها , كما استطاعت قبيلة الرسلية أن تفرض وجودهاعلى المكان , دارت حروب بينهما وبين قبيلة السحمية . أقلقت الحرب الشيخ عمران خوفاعلى مصالحه هو وقبيلته , وفي نفس الوقت ضعفت حيلته أن توقف الخلافات . أرسل عمران رسولا إلى القبليتين يدعوهما للتفاوض . رفضت القبيلتان كلتاهما أن تجلس وجها لوجه مع الأخرى , احتار عمران ماذا يفعل؟ قال الشيخ هودان : سوف أرسل لك شروطي ومطالبي لتعرضها علي السحمية , وقال مثله زهران . قال عمران : لا بأس, لكن من الأفضل أن يأتي وفد كل قبيلة بمفرده للتشاور معي, ثم أحمل مطالبه للقبيلةالأخرى . ظلت المطالب والوفود تأتي وتغادر بيت الشيخ عمران ,ولا توجد نتيجة واضحة للمناقشات . وبعد مدة طويلة من المفاوضات بغير نتيجة, قال الشيخ عمران : لابد لأن يحضر الوفدان في وقت واحد . رفضت القبيلتان التحادث المباشر قال الشيخ عمران : لن يجلس الوفدان مباشرة. - إذن كيف سيكون التفاوض ؟ - سوف يجلس وفد السحمية على يميني ووفد الرسلية على يساري , وكل يتحدث إلي أنا , وأنا سوف أوصل رأي كل طرف للطرف الأخر . حضرالوفدان على جانبي الشيخ عمران , لكن بمجرد تراءى الوفدان رفضوا الجلوس وعزموا على الخروج . قال الشيخ عمران : لماذا تخرجون ؟ صاحوا بأصوات مختلطة : لا للحديث المباشر .أمرالشيخ عمران فأحضر لوحا كبيرا من الخشب يفصل بين الوفدين,وجلس الشيخ عمران ومساعدوه في الوسط على كرسي مرتفع بينهما كما يجلس حكم مبارة الكرة الطائرة . قال الشيخ عمران : تفضل يا وفد السحمية . قال متحدث السحمية : لقداعتدوا علينا, وسلبوا من أرضنا وأغنامنا, وقتلوا أطفالنا . - وماذا تريد؟ - أن يخرجوا من أرضنا حالا, ويدفعوا تعويض عن التلفيات والأرواح التي أزهقت . أعاد الشيخ عمران تلاوة نفس الكلام على وفد الرسلية برغم أنهم يسمعونه . قال وفد الرسلية : لن نترك الأرض ولن ندفع التعويض . قال الشيخ عمران : يرفضون طلبكم . قال الشيخ زهران : لم يقولوا نرفض الطلب, بل قالوا: لن نترك الأرض ولن ندفع التعويض , أرجو أن تحسن التوصيل يا شيخ عمران - فليكن ما قلت, ماذا ستقول؟ - سنرغمهم على ذلك, وضرب لوح الخشب الفاصل ضربة قوية كادت به أن يقع في الجهة الأخرى . أثار الموقف غضب هودان وقال : لن يستطيع أحد أن يرغمنا علىشيء , ودفعوا لوح الخشب في الجهةالأخرى . - بل نستطيع, وسوف ترون منا مالم تحتسبوا . - أخذ السجال المباشر بين وفدي القبلتين يتزايد, وكل يدفع لوح الخشب الفاصل إلى الجهةالأخرى . ظل الشيخ عمران في موقعه يراقب السجال بين الوفدين, ولوح الخشب الفاصل يتأرجح مرةيمنى ومرةيسرى .حاول أن يصيح فيهم لكي يصمتوا ويسمعوا إلى رأيه , لكن لم ينصت أحدإليه , والأصوات والهرج يزيد, ولوح الخشب يزداد تأرجحا حتى ضربته قبيلة الرسلية ضربةقوية فانكسر ووقع على الجانب الذي فيه قبيلة السحمية . أثار الموقف غضب وفدالسحمية بشدة, فقاموا برفع لوح الخشب, ثم دفعوه فوقع في ناحية قبيلة الرسلية , ثم تقدموا تجاه الوفد الأخر, واحتلوا جزءا من المساحة التي يجلس فيها وفد الرسلية, ووضعوا لوح في المكان الفاصل . صاح وفد الرسلية : يجب أن نحرر أرضنا . خلف الشيخ عمران كان يجلس مصور فيديو, يحمل كاميراته كي يسجل المناقشات من جانبي الحاجز . تتابعت الأحداث, وصاريحاول أن يسجل الأحداث بنفس السرعة, وصار وجود الشيخ عمران يعوق الرؤية بالنسبة له, فأخذ يقول: من فضلك لا ترفع يدك يا شيخ عمران . - حاضر - اخفض رأسك قليلا - حاضر , حاضر صار الشيخ عمران يتكلم ويده بجانبه, لا يستطيع رفعه وذقنه ملتصقة بصدره لا يستطيع رفع رأسه وصلت الأحداث إلى حد الاشتباك بين الوفدين , فوفد السحمية يقول : سوف نهزمكم في هذا المكان ووفد الرسلية يقول : سوف نحرر أرضنا, ويعني المساحة التي أزيح فيها الحاجزالخشبي. - صاح الشيخ عمران رافعا يده : تحرروا أي أرض وتهزموا من؟ هذه أرضي أنا وبيتي أنا. لم ينتبه أحد لقوله, وصاح به مصور الفيديو : لا ترفع يدك أو رأسك يا شيخ عمران . تحول الموقف إلى هرج ومرج, واشتبك الجانبان في عراك متبادل, والشيخ عمران لا يستطيع تغيير أي شيء من الواقع . وفجأة سكت الجميع على صوت ارتطام بالأرض وارتفاع صراخ شخص مصاب: آه . التفت الجميع إلى مصدرالصوت , فإذا به الشيخ عمران قد سقط على الأرض من مقعده العالي . حينئذ توقف الهرج, وحمل الشيخ عمران إلى المستشفى, وانصرف الوفدان يتوعد كل منهما الأخر بقتال حامي الوطيس . شخص الأطباء حالته على إنها إرهاق جسمي ونفسي, وجلس الشيخ عمران على فراش المرض يتذكر ما حدث . جاء الناس يزورونه من كل القبائل , والكل يواسيه ويسأل عن صحته, والكل ينتقد تصرفات المتفاوضين . حينئذ قال الشيخ عمران : أنا أستحق أكثر من هذا , لما تهاونت وأهملت قوة قبيلتي , كان من الطبيعي أن تتطاول القبائل الأخرىعلينا, وتعيث في الأرض فسادا . لو كنت مثل الماضي ما تجرأ أحد على هذا التطاول. |
الساعة الآن 07:35 am. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Alpha 1
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
موقع بريدة