:: مدونتي قصص من حياتي ::
(" وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى * وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى * أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى * فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ * وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ")
أتأمل هذه السورة طويلاً ،، فكل آية من آياتها ،، تجسد صورة من حياتي .. اليتم منذ نعومة الأظافر .. و الضلال في معترك الطيش .. الفقر و قلة ذات اليد ..! لا يمكن لغير اليتيم أن يتخيل مدى المعاناة القابعة في أعماقه .. و خصوصاً تلك الكلمة التي تمزق و تقطع نياط قلبه .. " أنت وين أبوك " ..!؟ آه يا أبي ..ثم آه ، كنت طفلاً .. يوم أن غيبك الموت عن ناظري .. كنت ألعب و ألهو .. غارق في براءتي .. التي قضيت فيها سنواتي الأربع ..! لم يسبق لي يا أبي أن شعرت بحضنك الدافئ .. و لم أتذوق يومها حنان الأبوة حتى أفتقده .. ! أبي ... لقد صحوت متأخراً بعد رحيلك .. فوجدتك قد تركت فيني دموعاً لا تجف .. وقلباً من الحزن عليك لا يقف ..! أواه يا أبي ... لو نظرت لي و أنا أشاهد طفل قد أمسك بيد أبيه ..!! و آه يا أبي لو رأيتني و أنا أقبل صغيرتي حتى أغدق على قلبها من حنان قد أفتقده قلب أبيها ..!! ومع ذلك يا أبي فلا يزال في الكنز ثلاثة أرباعه .. إنها مملكة الحب و الحنان .. إنها مرسى الأمان .. و بحر من العطاء لا ينضب .. أضنك عرفتها يا أبي .. ؟ سأعود إلى طيفك .. الملازم لي منذ رحيلك .. وسأخبرك عن ما صنعته تلك العظيمة في حياة ابنك الوحيد ..! كيف عاش و كيف أصبح ..! |
أبي ..
لازلت أشعر بأصابع يداها و هي تتحسس عيناي ..! كانت تحاول أن تواري ذلك الموقف الرهيب ،، و أنت تصارع الموت .. تحت قعر الماء .. في تلك المزرعة .. هناك حيث كنت على ميعاد مع الأجل .. بكاءها و نحيبها من حولك , لا يزال كلحن جنائزي يطرق مسامعي منذ ساعة رحيلك الأولى .. و دموعها الساخنة ... تتقاطر على خدي .. و خفقان قلبها يكاد أن يشق صدري .. ليطمئن على قلبي .. ضمتني إليها و بكت .. كنت أشاركها الدموع من العيون ... وأرى دموعها تنزف من الضلوع ! لم يدر في خلدي يا أبي ... أن لحظة فراقك تلك لم تكن سوى أعلاناً عن ميلاد يوم جديد في حياة اليتم الأبدية ..!! |
كلما .. ولجت من باب المقبرة .. و شاهدت تلك الحجارة المحيطة بالقبور .. أقف صامتاً , كصمت من يرقد تحتها ..
في كل مرة يراودني شعور ، بأن أكسر الحاجز الترابي , الذي يفصل بيني و بينك .. فأطمئن عليك ، و أبدل مرقدك بوسائد من الديباج ، و أفرش لحدك ببساط من العشب الأخضر ، و أنيره لك بقنديل يجلي ظلمته .. و أسليك بقصص من أحب طيفك و لم يملئ عينه منك ، وأروي لك أخباره التي سترفع رأسك .. و لكنك حتماً .. لن تشعر به .. مع أنه يقف بجوارك ! و عندما أستفيق من سكرتي تلك .. التي كم تمنيت أن لا أصحو منها .. أتيقن أني أطلب المستحيل .. كمن يريد أن يعيد دورة الزمن .. و يقلب الماضي بمكان المستقبل .. أحسد قلبي في تلك اللحظة .. فقد سبقني اليك .. فهو يلهج بالدعاء لك .. و الترحم عليك .. و هذا ما أظنك بأمس الحاجة اليه .. رحمك الله .. يا أبي .. |
الساعة الآن 06:31 pm. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Alpha 1
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
موقع بريدة